2- النقطة الثانية: محاولة شراء رضا القواعد الشعبيّة:
النقطة الاخرى التي كان بالإمكان افتراض أنّها تمثّل زاويةً اخرى من الزوايا [هي أنّ] نفس المأمون- كما قلنا- كان يعيش مشاكل تلك القواعد الشعبيّة للإمام الرضا (عليه السلام) ومدرسة الإمام علي (عليه السلام) في كلّ أرجاء العالم الإسلامي، كان يريد أن يثبّت هذه القواعد الشعبيّة، كان يريد أن يشتري رضاها واستسلامها ومواكبتها للوضع الحاكم، [وذلك] عن طريق ضمّ قائدها الأمثل، ضمّ إمامها الفكري، ضمّ امثولتها العليا إلى [جهازه]، إلى وضعه.
وهذا الموضوع أيضاً التفت إليه الإمام الرضا (عليه السلام) وأحبطه، وذلك بأنْ سجّل منذ اليوم الأوّل أنّه لم ينضمّ إلى جهاز المأمون، وإنّما هو مجرّد قبول على أساس إصرارٍ من قبل الخليفة المأمون، لا أكثر ولا أقلّ.
ولهذا اشترط الإمام الرضا (عليه السلام) في الوثيقة التاريخية التي كتبها: «أنّي لا امارس أيّ نوعٍ من أنواع السلطة في جهاز الدولة العبّاسيّة»[1]. وهذا معناه- بالفهم العامّ الإسلامي وقتئذٍ، وإلى يومنا هذا- أنّه غير راضٍ، و [أنّه] إعلان عن عدم رضاه عن الوضع الحاكم كلّه، وأنّ هذا الوضع الحاكم «لا امارس فيه عملًا»، وأنّه يحتاج إلى تغيير، يحتاج كلّه إلى هدمٍ ثمّ إلى بناء من جديد؛ «فأنا ماذا أصنع في قبال هذاالوضع الحاكم الذي يحتاج كلّه إلى تغيير ويحتاج كلّه إلى تبديل؟»، وقد كانوا […][2] أيضاً […].
ولهذا أشرنا في ما سبق[3] إلى أنّ الفضل بن سهل بعث شخصاً بمئة ألف
[1] « أنا أقبل ذلك على أنّي لا أولّي أحداً ولا أعزل أحداً ولا أنقض رسماً ولا سنّةً، وأكون في الأمر من بعيد مشيراً»،« إنّما دخلت في ما دخلت على أن لا آمر فيه ولا أنهى ولا أعزل ولا أولي ولا أشير» عيون أخبار الرضا( عليه السلام) 140: 2، 167.
[2] هنا سقطٌ بمقدار كلمتين، وفي الموضع التالي بمقدار كلمة.
[3] تحت عنوان: فكرة موجزة عن المرحلة الثالثة، اتّساع شعبيّة شخص الإمام الرضا( عليه السلام).