له: «اذهب إلى اليمن، أو إلى أيّ ثغرٍ آخر من ثغور المسلمين»[1]. يذهب إلى اليمن مثلًا- أو إلى ثغرٍ آخر من ثغور المسلمين- ويكوّن هناك جماعةً له ومجتمعاً، وينفصل عن المجتمع الأكبر الذي يضمّ سائر بلاد المسلمين، حتّى إذا استطاع أن يُحكِمَ أمره حاول أن يتقدّم ويضمّ بقيّة البلاد إلى بلده.
الموقف الرابع: هو أن يرفض، وأن يتحرّك، وأن يذهب إلى الكوفة مستجيباً للرسائل التي وردته من أهل الكوفة، ثمّ يُقتل ويستشهد بالطريقة التي وقعت.
هذه هي المواقف العمليّة الأربعة التي كان بالإمكان للإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) أن يختار أيَّ واحدٍ منها.
شرائح الامّة التي شكّلت مجال عمل الإمام الحسين (عليه السلام):
وكان اختياره للموقف الرابع من هذه المواقف الأربعة قائماً على أساس إدراكه لطبيعة الظرف الذي يعيشه؛ فقد كانت هناك عدّة نقاطٍ دخلت في تكوين موقفه، أي: إنّه كان عليه أن يقف موقفاً يعالج به عدّة أقسامٍ من أفراد الامّة الإسلاميّة:
القسم الأوّل: الذين وهبوا قلوبَهم وشهروا سيوفَهم:
القسم الأوّل كان يشكّل جزءاً كبيراً من الامّة؛ فإنّ جزءاً كبيراً من الامّة كان قد فقد خلال عهد معاوية بن أبي سفيان- كما قلنا في المرّات السابقة[2]–
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 342: 5؛ الفتوح 20: 5. وقد تقدّم بالاقتراح نفسه ابن عبّاس، فراجع: الأخبار الطوال: 244؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 383: 5؛ الفتوح 66: 5؛ الكامل في التاريخ 39: 4.
[2] في المحاضرة الحادية عشرة، تحت عنوان: الشكّاكون وأسباب الشكّ، وفي المحاضرة الثانية عشرة، تحت عنوان: سريان الشكّ وتعميقه في مجتمع الإمام علي( عليه السلام)، وفي المحاضرة السادسة عشرة، تحت عنوان: انسحاب خطّ الإمام علي( عليه السلام) مؤقّتاً عن الميدان.