والسلام) في مجتمع المدينة والعراق.
الفارق الرابع: تبنّي عليٍّ (عليه السلام) قضيّةً في صالح الأضعف، بخلاف معاوية:
ومن ناحيةٍ اخرى، كان هناك أيضاً فرقٌ آخر بين معاوية وبين أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام)، وحاصل هذا الفرق الآخر هو:
أ- أنّ أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) كان يتبنّى قضيّةً هي في صالح الأضعف من أفراد المجتمع، وكان معاوية يتبنّى قضيّةً هي في صالح الأقوى من أفراد المجتمع.
أمير المؤمنين كان يتبنّى الإسلام بما فيه من قضايا العدالة الاجتماعيّة التي يمثّلها النظام الاقتصادي في الإسلام، وهذه القضايا لم تكن في صالح الأقوى، بل كانت في صالح الأضعف.
ب- ومعاوية كان يمثّل الجاهليّة بفوارقها وعنعناتها وطبقاتها، وهذا لم يكن في صالح الأضعف، بل كان في صالح الأقوى؛ ذلك أنّه بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حينما دخل العراق والشام وبقيّة البلاد في داخل إطار المجتمع الإسلامي لم يقضِ الخلفاءُ الذين تسلّموا زعامة المسلمين على التنظيم القبائلي الذي كان موجوداً في هذه البلاد، بل بقي التنظيم القبائلي سائداً في هذه البلاد، وبقي زعيم كلُّ قبيلةٍ هو الشخص الذي يرتبط بالسلطان، وهو همزة الوصل بين قبيلته وبين السلطان.
وهذا التنظيم القبائلي بطبيعته يخلق جماعة من زعماء وشيوخ هذه القبائل الذين لم يروّضهم الإسلام في المرتبة السابقة، ولم يعيشوا أيّام النبوّة عيشاً صحيحاً، بل لم يَرَوا النبيَّ على الإطلاق، يجعل من هؤلاء طبقةً معيّنةً ذات مصالح وذات أهواء وذات مشاعر في مقابل قواعدهم الشعبيّة، ويُهيِّئ لهم أسباب النفوذ والاعتبار.