والوصول إلى أغراضها. لماذا وافق أن يبايَع وأن يتسلّم زمام الحكم في لحظةٍ يائسة؟
والجواب: أنّه لو لم يقبل بذلك، لو أنّه رفض أن يبايَع، لو أنّه لم يتسلّم مقاليد الحكم بعد الإمام علي (عليه السلام)، لقيل بأنّ هذا الشكّ الذي يعيشه المسلمون يتسرّب إلى نفس القادة أنفسهم، إلى الحسن (عليه السلام) نفسه، وبأنّ الحسن (عليه السلام) أصبح يعيش هذا الشكّ في صحّة هذه المعركة، في ضرورة هذه المعركة، في أهميّة هذه المعركة، فكان لا بدّ لكي يثبت الإمام الحسن (عليه السلام) أنّ القادة لا يزالون يؤمنون بقضيّتهم واطروحتهم على المستوى الذي [كانوا] يؤمنون به من الساعة الاولى [أن] يبادر ويقبل البيعة التي عرضها المسلمون وقتئذٍ، ويتحمّل المسؤوليّة، مسؤوليّة الحكم.
وهكذا كان[1]، تحمّل (عليه الصلاة والسلام) مسؤوليّة الحكم بالرغم من هذا الشكّ؛ لأجل أن لا يُتّهم القائد بأنّه أيضاً بدأ يشكّ.
الحسن (عليه السلام) يعتزم تأخير المعركة بهدف التفرّغ للقضاء على الشكّ:
أنا اقدّر وأظنّ أنّ الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) حينما تسلّم مسؤوليّة الحكم كان عازماً على أن لا يُسرع في خوض معركة مسلّحة مع معاوية بن أبي سفيان، كان يودّ أن تؤجّل المعركة المسلّحة إلى أمدٍ طويل؛ وذلك لكي يصفّي- أو لكي يحاول أن يصفّي- هذا الشكّ في الداخل، لكي يتفرّغ للظروف الداخليّة وللمجتمع الذي يحكمه، ويحاول أن يخفّف من حدّة هذا الشكّ، ويقضي على بعض منابعه، ويعالج بعض أسبابه، وينعش من جديد نفسيّة الفرد المسلم في داخل هذا المجتمع، حتّى إذا استطاع في نهاية الشوط أن يكسب درجةً معقولةً من الاقتناع بالقضيّة والاطروحة، حينئذٍ يبدأ معركته المسلّحة مع
[1] إلى هنا ينتهي مقدار ما أثبتناه من( غ) و( ه-)، وما يأتي أثبتناه من المحاضرة الصوتيّة.