بدرجاتٍ ضئيلةٍ، لو أنّ الإمام الحسن كان قد أهدر كلّ هذه الأجزاء، قد أعطى كلّ هذه الأجزاء، إذاً لكان بهذا يعطي كلّ إمكانيّات استرجاع هذا الاقتناع للُامّة الإسلاميّة.
فكان لا بدّ للإمام الحسن- حفاظاً على قاعدة يمكن أن يرجع على أساسها الاقتناعُ بالاطروحة في يوم ما، ويمكن أن تسترجع اعتقادها الراسخ بأنّ خطّ عليٍّ هو خطّ الإسلام استرجاعاً يدفعها إلى بذل الدم، واسترخاص الروح في هذا السبيل- من أن يفكّر في الحفاظ على أجزاء وعلى قطّاعاتٍ من هذه القاعدة الشعبيّة. وهذا هو الذي كان يعبّر عنه بحقن الدماء، وكان يعبّر عنه بحفظ الشيعة، ونحو ذلك من التعابير[1].
بينما الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) اخذ في معزلٍ، اخذ واستشهد معه صفوةٌ من خيرة خلق الله، إلّا أنّ هذه الصفوة لم تكن تستوعب كلّ القواعد الشعبيّة الواعية.
ولهذا عقيب شهادته (سلام الله عليه) بدأت ثورة التوّابين[2]، ثمّ بدأت الثورات تترى من قبل اناسٍ كان يتزعّمهم عددٌ كبيرٌ من الشيعة الواعين والمؤمنين بأهداف الحسين (عليه الصلاة والسلام)[3].
ملخّص القول:
ملخّص القول: أنّه كان لا بدّ للإمام الحسن أن يدرس موقفه على أساس هذه الاعتبارات الثلاثة، وكان لا بدّ أن لا يُدخل في حسابه أيَّ اعتبارٍ آخر
[1] كقوله( عليه السلام) لحجر بن عدي في المصدر المتقدّم:« وإنّي لم أفعل ما فعلت إلّا إبقاءً عليكم»، أو ما أورده السيّد المرتضى( رحمه الله):« وفي رواية: إنّما هادنت حقناً للدماء وصيانتها وإشفاقاً على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي» تنزيه الأنبياء: 169؛ مناقب آل أبي طالب 34: 4.
[2] راجع: أنساب الأشراف 363: 6؛ تاريخ اليعقوبي 257: 2؛ الفتوح 112: 7؛ تجارب الامم 107: 2.
[3] من قبيل خروج محمّد بن إبراهيم طباطبا الذي سيتحدّث عنه( قدّس سرّه) في المحاضرة الخامسة والعشرين.