وكان مصير مقتل الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) نفس المصير تقريباً لو أنّه واصل القتال، لو اختار الطريق الأوّل من الطريقين والامّة هي على الحالة التي شرحناها بالأمس[1].
والشكّ الذي تحوّل إلى طاقة إيجابيّة ممتدّةٍ في أوسع نطاق، كان هذا الشكّ يجعل المسلمين ينظرون إلى هذه الاستماتة من الإمام الحسن [على] أنّها استماتة من لونِ استماتة أيّ شخصٍ آخر يأبى الضيم، يأبى أن يطأطئ أمام عدوّه من الناحية العاطفيّة، ولهذا واصل المعركة حتّى قتل … لَما حرّك هذا الدمُ الطاهرُ شيئاً من نفوس المسلمين، ولَما غيّر شيئاً من أوضاعهم النفسيّة والروحيّة.
ب- الإمام الحسين (عليه السلام) يواجه مرض موت الإرادة:
بينما الإمام الحسين حينما اختار الطريق الأوّل كانت الامّة- أي: كانت القواعد الشعبيّة التي ترتبط بالإمام علي- قد تخلّصت من المرض الأوّل، من مرض الشكّ؛ لأنّ الاسطورة- اسطورة معاوية- قد تجلّت بكلّ وضوح؛ لأنّ الجاهليّة التي كان يمثّلها معاوية قد أسفرت عن وجهها على المسرح الاجتماعي والسياسي ورآها الناس، وعلم الناس بأنّ عليّاً (عليه الصلاة والسلام) كان يحارب في معاوية جاهليّةَ الأصنام والأوثان، ولم يكن يحارب في معاوية خصماً قَبَليّاً أو شخصاً معادياً له بالذات.
هذا عرفه المسلمون، يعني: عرفته القواعد الشعبيّة المرتبطة بالإمام، تخلّصت هذه القواعد من المرض الأوّل، لكنّها منيت بالمرض الثاني الذي سوف نتحدّث عنه بعد هذا، يعني في محاضرة اخرى[2]. هناك منيت بمرض
[1] في المحاضرة الرابعة عشرة.
[2] راجع بشكل خاص المحاضرتين التاسعة عشرة والعشرين.