تبدأ من الإمام الرضا.
وفي هذه المرحلة أصبحت الشيعة في مستوىً يقرّبهم إلى تسلّم زمام الحكم، وأصبح لهم من القواعد الشعبيّة ما يشكّل خطراً سياسيّاً حقيقيّاً على الخلفاء. وهذا هو الذي جعل هناك تغيّراً أساسيّاً في وجه سياسة الخلفاء مع هؤلاء الأئمّة بدءاً من الإمام الرضا، على النحو الذي أشرنا إليه في حياة الإمام الجواد[1]، وسوف نتكلّم عنه أكثر في حياة الرضا وبقيّة أئمّة ذلك الدور[2].
الإمام الباقر (عليه السلام) وانطلاقة الدور الثاني:
الآن نحن نتكلّم عن إمامٍ هو في مطلع الدور الثاني من هذه الأدوار الثلاثة، وهو الإمام الباقر (عليه السلام)، الذي جاء بعد أن انتهى الدور الأوّل، وعرف المسلمون جميعاً أنّ آباء هذا الرجل هم الأشخاص الذين ضحّوا بأرواحهم ودمائهم وأوقاتهم[3]، هم الأشخاص الذين ضحّوا بنعيم الدنيا وبانفتاحها وأبعادها، كلّ ذلك في سبيل أن يقفوا في وجه هذا الانحراف، و [يقولوا][4] للناس- على أقلّ تقدير[5]– بأنّ هذا ليس هو الإسلام، بل هو غير الإسلام، [وإنّ] التطبيق غير النظريّة، [وإنّ] الواقع الخارجي غير المدّعى، [وإنّ] المفهوم المعطى في الكتاب والسنّة [هو] غير هذا الذي تجسّد في كيان هؤلاء الزعماء المنحرفين.
[1] كان( قدّس سرّه) قد أحال إلى هذه الفكرة من محاضرة الإمام الجواد( عليه السلام) في المحاضرة الرابعة من هذا الكتاب، وقد تقدّم التعليق على ذلك آنفاً.
[2] راجع حول طبيعة المرحلة الثالثة للأئمّة( عليهم السلام): المحاضرة الخامسة والعشرين.
[3] كذا في( غ)، وفي( ج):« أرزاقهم».
[4] في( غ) و( ج):« يكون»، ولعلّ الصادر منه( قدّس سرّه) ما أثبتناه.
[5] الجملة الاعتراضيّة متعلّقة بالقول لا بالمقول له، أي ب-« الناس».