هذه السلبيّة والبرود المطلق الذي كان يواجهه الإمام الحسين، أو تواجهه حركة الإمام الحسين، بالرغم من قوّة المثيرات، هذا البرود المطلق- في لحظات ترقّب العطاء الحقيقي، هذا البرود- كان يعبّر عن ذلك الانهيار النفسي على مختلف المستويات.
المشهد الثاني: موقف عبيد الله بن الحرّ الجعفي:
عبيدالله بن الحرّ الجعفي يقصده الحسين (عليه الصلاة والسلام) بنفسه، يقصده إلى خيمته، يتوسّل به على أن يرتبط بهذا الخطّ، يتّصل بهذا الخطّ، وهو أعرف الناس بصحّة هذا الخطّ وصواب هذا الخطّ، فيعزّ عليه أن يقدّم قطرةً من دمه، يعزّ عليه أن يقدّم شيئاً سوى الفرس فقط[1]، لم يستطع أن يذوق طعم التضحية إلّا على مستوى تقديم فرس واحدة فقط.
المشهد الثالث: موقف زعماء البصرة[2]
: الإمام الحسين يكتب إلى ستّة من زعماء البصرة، يختارهم من اولئك الذين لهم ارتباطات مع خطّ الإمام علي (عليه الصلاة والسلام).
زعماء البصرة على قسمين: زعماء مرتبطون مع خطّ بني اميّة، مرتبطون مع خطّ عائشة وطلحة والزبير، وزعماء يرتبطون مع خطّ الإمام علي ومدرسة الإمام علي.
يختار الإمام الشهيد ستّةً من الأشخاص الذين يرتبطون بمدرسة الإمام علي ويشعرون بالولاء لمفاهيم هذه المدرسة وشعاراتها وأهدافها[3]، يكتب
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 407: 5؛ الفتوح 73: 5- 74؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 325: 1- 326؛ حيث قدّم عبيد الله للحسين( عليه السلام) فرسه وسيفه. ولكنْ نقل البلاذري أنّ فرس عبيدالله كانت معه( عليه السلام) في المعركة، فانظر: أنساب الأشراف 188: 3.
[2] سيتجدّد الحديث عن هذا المشهد في المحاضرتين العشرين والحادية والعشرين.
[3] « وقد كان الحسين بن علي قد كتب إلى رؤساء أهل البصرة، مثل: الأحنف بن قيس ومالك بن مسمع والمنذر بن الجارود وقيس بن الهيثم ومسعود بن عمرو وعمر بن عبيدالله بن معمر، فكتب إليهم كتاباً يدعوهم فيه إلى نصرته والقيام معه في حقّه» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 357: 5؛ الفتوح 37: 5. ولم يذكر الدينوري الأخير منهم( الأخبار الطوال: 231).