شائبة ولا يناله شكّ: أبوه علي (عليه السلام)، وأمّه فاطمة (عليها السلام)، وجدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله)، والصحابة يتذكّرون حديث الرسول (صلّى الله عليه وآله) بشأنه: «حسين منّي وأنا من حسين»[1]، يدركون هذا التمازج الروحي والتمازج النَسَبي.
والحسين (عليه السلام) يمتلك الجاه والشرف، كيف لا! وهو محطُّ أنظار المسلمين وكهف المستغيثين واللاجئين، ويمتلك الإمامُ المالَ والثروة.
أَتذكرون يوم عاشوراء حينما خاطب (سلام الله عليه) اخته الحوراء قائلًا: «ناوليني ملابس استبدل بها ملابسي هذه لئلّا يطمع القوم فيها فيسلِبونيها؟»، فلمّا أعطته ملابس رديئة بالية قال لها مستنكراً: «أَوَيلبس ابن أبيك مثل هذا؟!»[2]. فلو كان لباسه الأوّل عاديّاً لقبل تلك الخرق البالية، فلا بدّ أن يكون لباسه في أوّل الأمر من أفخر الألبسة وأثمنها. والروايات تذكر أنّ القافلة الهاشميّة كانت محمّلة بالأموال الكثيرة[3]؛ فالحسين (عليه السلام) كان يمتلك كلّ المقوّمات الشخصيّة للقداسة: الشرف والجاه، الغنى والثروة، والعصمة.
2- الحجّة:
ولكي لا تكون الثورة هامشيّة فلا تعطي ثمرتها المرجوّة، فقد كان الثائر يمتلك الوثائق الكفيلة بإضفاء المشروعيّة على هذه الثورة، وأنّها الحلّ الوحيد والخيار الذي لا بديل له.
فقد كانت الرسائل الواردة من زعماء العراق- ومن الكوفة خاصّة-
[1] الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 127: 2.
[2] لم نعثر عليه بهذه الصيغة. نعم، ورد أنّه( عليه السلام):« دعا بسراويل محقّقة يلمع فيها البصر، يماني محقّق، ففرزه ونكثه لكيلا يُسلَبَه، فقال له بعض أصحابه: لو لبست تحته تبّاناً، قال: ذلك ثوب مذلّة» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 541: 5، أو:« لباس أهل الذمّة» مناقب آل أبي طالب 109: 4.
[3] قد يُستفاد ذلك من حمل الإمام الحسين( عليه السلام) الورس والحلل في طريقه إلى العراق[ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 385: 5؛ الكامل في التاريخ 40: 4]، والتي نهبت بعد مقتله[ الأخبار الطوال: 258؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 453: 5؛ الكامل في التاريخ 79: 4].