ابن عمّ الخليفة المقتول»[1].
هذه الفرصة الذهبيّة التي كانت تحكي مستوى الآمال والأطماع الامويّة لِنهب مكاسب الإسلام لم يكن من المظنون أن يدعها معاوية لقاء بقائه والياً على الشام من قبل الخليفة الجديد؛ لأنّ ولاية الشام كانت مرحلة انجزت من المؤامرة، وبعد مقتل عثمان ابتدأت المرحلة الجديدة، وهي نهب كلّ الوجود الإسلامي وتزعّمه، والذي كان يعني أنّ إبقاءه والياً على الشام سوف لن يكون على مستوى أطماعه في المرحلة الاولى من مراحل المؤامرة الامويّة على الإسلام التي بدأت بمقتل عثمان بن عفّان.
النقطة الثامنة: عدم وجود يأس من إنجاح عمليّة التغيير بدون مساومة:
وأخيراً، فإنّنا نقول: إنّ ملاحظة طبيعة الوضع العام، وملاحظة موقع الإمام علي (عليه السلام) في ذلك الوضع لم تكن لتوحي بالاعتقاد بالعجز عن إمكان إنجاح عمليّة التغيير بدون مساومة.
ومن الواضح أنّ الفكرة الفقهيّة التي أشرنا إليها بالأمس- من أنّ توقّف الواجب الأهمّ على المقدّمة المحرّمة يبيح تلك المحرّمة- إنّما تكون صحيحةً إذا كان هناك توقّف بالفعل، واحرز أنّه لا يمكن التوصّل إلى الواجب الأهمّ إلّا عن طريق هذه المقدّمة المحرّمة.
[1] قال معاوية:« وإنّي خليفة عثمان بن عفّان عليكم، وإنّي لم اقم رجلًا منكم على خزاية قطّ، وإنّي وليُّ عثمان وقد قتل مظلوماً، والله يقول: وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً الإسراء: 33»،« ومعاوية بدمشق قد ألبس منبر دمشق قميص عثمان وهو مخضّب بالدم، وحول المنبر سبعون ألف شيخ يبكون حوله لا تجفّ دموعهم على عثمان» وقعة صفّين: 32، 127.