وهذا الدور- بحسب الحقيقة- هو الدور الذي مارسه أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السلام) حتّى انتهى إلى الإمام السجّاد (عليه السلام). وكان من أواخر ملامح هذا الدور الدمُ الطاهر الذي أراقه السفّاكون في يوم عاشوراء، دمُ سيّد الشهداء وأهل بيته الطيّبين الطاهرين.
المركز الرئيسي للنشاط في هذا الدور كان أخذ الاحتياطات وتحصين الإسلام ضدّ هذه الصدمة غير المترقَّبة وغير المخطّط [لها] بعد أن حُصّن الإسلام- ولو كشريعةٍ- ضدّ هذه الصدمة، واطمُئنّ من هذه الناحية، بتفاصيل تذكر تباعاً لأحوال هؤلاء الأئمة الأربعة (عليهم الصلاة والسلام)[1].
2- الدور الثاني: دور إعطاء الإطار التفصيلي الخاص للشيعة:
بعد هذا انتقل العمل عند الأئمّة إلى الدور الثاني، وتحوّل المركز الرئيسي للنشاط من تلك الناحية- بعد الاطمئنان إليها- إلى ناحيةٍ اخرى.
والمركز الرئيسي للنشاط الذي يميّز الدور الثاني عن الأدوار التي مرّ بها الأئمّة (عليهم السلام) هو دور إعطاء الإطار التفصيلي الخاصّ للشيعة بوصفهم الكتلة المؤمنة، المحافظة على التراث الحقيقي للإسلام وللشريعة ولأحكام القرآن.
هذا الإطار التفصيلي والخطوط التفصيليّة لهذه الكتلة- يعني للفرقة الناجية- لم يكن قد اعطي بشكلٍ واضحٍ محدّد في أيّام الأئمّة الأربعة (عليهم السلام)؛ لأنّ الخطّ الرئيسي لم يكن هذا في أيّامهم، بل كان [عبارة عن] حماية الإسلام كشريعة، وإنعاش معنويّات هذا المجتمع الإسلامي بعد أن انهار من هول الصدمة التي خطّطها الانحراف بعد وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله).
ولهذا يُرى أنّ الطابع الشيعي الخالص الواضح هذا يتجلّى أسرع فأسرع في كلمات الأئمّة من الدور الثاني ممّا يتجلّى في كلمات الأئمّة من الدور
[1] راجع المحاضرات السابقة من هذا الكتاب.