ينظر المسلمون من اللحظة الاولى إلى عليّ بن أبي طالب (عليه الصلاة والسلام) بوصفه نقطة تحوّلٍ في الخطّ الذي وجد بعد النبي (صلّى الله عليه وآله)، لا بوصفه مجرّد خليفة رابع، وإنّما هذا بداية عهدٍ جديد، انتعشت مع هذا العهد الجديد آمال كثيرة.
انشقاق معاوية:
حينما بويع (عليه أفضل الصلاة والسلام) كانت أكبر الصعاب التي واجهها بعد بيعته هو انشقاق معاوية بن أبي سفيان، وتخلّف الشام بكامله- تبعاً لمعاويةبن أبي سفيان- عن الانضمام إلى بيعته (عليه أفضل الصلاة والسلام)[1].
هذا التناقض الذي وجد في عهده شقَّ المجتمع الإسلامي- أو الدولة الإسلاميّة- إلى شقّين، ووُجد في كلٍّ من الشقّين جهازٌ سياسيٌّ وإداريٌّ لا يعترف بالآخر، ولا يعترف بمشروعيّة الآخر.
الفوارق الموضوعيّة بين وضع الإمام عليٍّ (عليه السلام) ووضع معاوية:
ومنذ البدء كان هناك فوارقُ موضوعيّةٌ واضحةٌ بين وضع عليٍّ (عليه الصلاة والسلام)
[1] بعث عليٌّ( عليه السلام) جرير البجلي إلى معاوية« وكتب معه كتاباً يعلمه فيه باجتماع المهاجرين والأنصار على بيعته ونكث طلحة والزبير وما كان من حربه إيّاهما، ويدعوه إلى الدخول في ما دخل فيه المهاجرون والأنصار من طاعته، فشخص إليه جرير، فلمّا قدم عليه ماطله واستنظره ودعا عمراً، فاستشاره في ما كتب به إليه، فأشار عليه أن يرسل إلى وجوه الشام ويلزم عليّاً دم عثمان، ويقاتله بهم، ففعل ذلك معاوية … فلمّا قدم جرير بن عبد الله على علي فأخبره خبر معاوية واجتماع أهل الشام معه على قتاله، وأنّهم يبكون على عثمان، ويقولون: إنّ عليّاً قتله وآوى قتلته، وأنّهم لا ينتهون عنه حتّى يقتلهم أو يقتلوه» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 561: 4- 562.