لأنْ يوقع ضرراً كبيراً بالمجتمع الذي يحكمه عليٌّ، وأن يحقّق مكسباً سياسيّاً جديداً له، وقد يمكن ارتفاع هذا المكسب إلى درجة تصفية المعركة نهائيّاً.
إلّا أنّه- مع هذا- لم يكن عند معاوية فكرةٌ كاملةٌ عن كلّ الظروف النفسيّة والأبعاد التي يعيشها المجتمع الإسلامي الذي يحكمه الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام).
ولهذا، في نفس الوقت الذي تهيّأ [فيه] للمعركة المسلّحة كان يحاول- إلى جانب المعركة المسلّحة- أن يستخدم الوسائل الاخرى التي بإمكانه أن ينتصر بها على عدوّه.
الإمام (عليه السلام) يستنفر المسلمين للجهاد:
في الرسالتين الأخيرتين المتبادلتين بين معاوية والحسن انتهى النقاش، وقُرّر من قبل الحسن (عليه الصلاة والسلام) [أن يخوض] الحرب. خرج الإمام الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، أعلن بأنّ «معاوية بن أبي سفيان قد اتّجه مع جيشه لمحاربتكم»، واستنفر المسلمين للجهاد.
إلّا أنّ هذا الشكّ الذي [ذكرناه] ظهر من جديدٍ ظهوراً سلبيّاً في تلك اللحظة؛ حيث إنّه لم يُجِب الإمامَ الحسن (عليه الصلاة والسلام) أحدٌ بكلمةٍ سوى شخص واحد، هذا الشخص الواحد هو عديُّ بن حاتم.
عديُّ بن حاتم (رضوان الله عليه) قام وقال لهؤلاء المسلمين بأنّ «هذا الإمام يأمر وأنا اطيع، وليس على الجندي إلّا أن يطيع، وهذه دابّتي بباب المسجد، سوف أركبها وأخرج إلى النخيلة ولا أرجع إلى بيتي»، وخرج، وكان أوّل من خرج للجهاد، وتبعه ألف من عشيرته[1].
[1] « ثمّ استقبل الحسن بوجهه فقال: أصاب الله بك المراشد، وجنّبك المكاره، ووفّقك لما يحمد ورده وصدره، فقد سمعنا مقالتك، وانتهينا إلى أمرك، وسمعنا منك، وأطعناك في ما قلت وما رأيت، وهذا وجهي إلى معسكري، فمن أحبّ أن يوافيني فليوافِ. ثمّ مضى لوجهه، فخرج من المسجد ودابته بالباب،[ فركبها] ومضى إلى النّخيلة» مقاتل الطالبيّين: 70؛ شرح نهج البلاغة 39: 16؛ بحار الأنوار 50: 44، أمّا ما ذكره( قدّس سرّه) من أنّ ألف فارس من عشيرته تبعوه فليس مثبتاً فيها، ولم نجده في غيرها، وأغلب الظنّ أنّ منشأ الخطأ هو أنّ الشيخ آل ياسين( رحمه الله) بعد نقله موقفَ عدي قال:« وفي طيء ألف مقاتل لا يعصون لعديٍّ أمراً» صلح الحسن( عليه السلام): 101. ولكنّه ليس ناظراً إلى ما نحن فيه، بل إلى قول عديٍّ للإمام علي( عليه السلام) في قصّة الخوارج:« يا أمير المؤمنين! معي ألف رجل من طيء لا يعصونني، وإن شئت أن أسير بهم سرت» تاريخ اليعقوبي 195: 2.