مسلم يخرج إلى الجامع يريد أن يصلّي مع شيعته.
تقول الرواية: بأنّ واحداً تلو الآخر من هؤلاء كان ينسحب، يأتي إليه أخوه أو أبوه أو امّه أو اخته تقول: «أنت ما عليك وشغل السلاطين، هذا شغل السلاطين، أنت اذهب إلى عملك، إلى شغلك، إلى كسبك، إلى متجرك. هؤلاء- مسلم وعبيدالله بن زياد- سلاطين، في ما بينهم يتعاركون ويتخالفون، أنت اذهب إلى خطّك»[1].
أصبح الإنسان لا يعيش إلّا هذا الوضع المحدود، لا يعيش الإنسان إلّا مصالحه الخاصّة، فكان لا بدّ في وضع من هذا القبيل ماتت فيه الإرادة، كان لا بدّ فيه من هزّ ضمير الامّة، وإحياء هذه الإرادة، وإعادتها من جديد.
عدم تعرّض الإمام الحسين (عليه السلام) للظلم أصّل موضوعيّة حركته:
وهكذا قرّر الإمام الحسين أن يخرج لمواجهة هذه المؤامرة على شخصيّة الامّة، [ولم يكن يحاول بذلك][2] أن يقضي على السلطان السياسي لبني اميّة؛ فإنّ الإمام الحسين (عليه السلام) كان يحتمل أن يوفّق للقضاء على السلطان السياسي لبني اميّة- على ما يبدو من الروايات[3]– لمجرّد احتمالٍ بدا لا أكثر، وإلّا كانت الأخبار العامّة توضح له بأنّه سوف يقتل، والظروف الموضوعيّة كانت كلّها توضح له أنّه سوف يقتل. وكيف يمكنه أن يتغلّب على السلطان السياسي لبني اميّة وهو يعيش في امّة ميْتة؟!
[1] « إنّ المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول: انصرف، الناس يكفونك» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 371: 5؛ مقاتل الطالبيّين: 104، وفي: الأخبار الطوال: 239 أنّه قول الرجل لابنه وأخيه وابن عمّه.
[2] في( غ):« محاولًا بذلك لا»، وما أثبتناه أسلمُ وأقربُ للمراد.
[3] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 407: 5؛ الفتوح 31: 5؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 284: 1، 324؛ اللهوف على قتلى الطفوف: 65.