المستمرّ المتدرّج نشأت بنحوٍ تستغرب مرجعيّة أهل البيت، وتستنكر هذه الفكرة. فبالرغم من إعظامها لأشخاص أهل البيت (عليهم السلام)، ولكنّها تستغرب فكرة أنّ الإسلام قد اعطي أمانةً بيد هذه الاسرة الخاصّة، أو بيد أشخاصٍ متسلسلين من هذه الاسرة الخاصّة[1].
بعد وفاة النبي الأعظم (صلّى الله عليه وآله) بأربعين أو بخمسين سنة أصبحت هذه الفكرة تبدو غريبة، وعمّق غرابتها وشذوذها معاوية وخلفاء معاوية؛ [وذلك] بقطعهم الصلة بين المسلمين وبين كثيرٍ من الروايات المأثورة عن النبي (صلّى الله عليه وآله). وفكرة أنّ الإسلام اعطي أمانةً بيد أهل البيت، وأنّ أهل البيت هم امناء بصورة مباشرة على الإسلام، [وأنّهم] علماء بصورة مباشرة للإسلام، هذا المطلب أصبح شيئاً غريباً، بل أصبح شيئاً تمجّه الطباع وتضيق به.
خيارات الإمام الباقر (عليه السلام) في مواجهة هذه العقبة:
هنا الإمام الباقر (عليه السلام) الذي عاش محنة هذا الدور الثاني الذي نتكلّم عنه كان له طريقان:
1- إمّا أن ينصب له مدرسةً فقهيّة كما ينصب غيره من الفقهاء مدرسة فقهيّة، وحينئذٍ يفتي على أساس الرواية المسندة عن النبي (صلّى الله عليه وآله) تارةً، وعلى أساس الاجتهاد والمصالح اخرى، غاية الأمر بطبيعة الحال أنّه لا يفتي بخلاف الواقع، [بل] يفتي بالواقع، لكن يُلبِس الواقع هذا الثوب المعترف به بحسب الذهنيّة العامّة.
فحينئذٍ: هل كان [سيشكّل] خطراً من هذه الناحية، أو كان [سيشكّل] من هذه الناحية شيئاً يستفزّ الخليفة بمجرّد أن خالف الفقيه الفلاني مع أنّه نهج
[1] راجع حول تضاؤل رصيد الأئمّة( عليهم السلام) بنظر الامّة بوصفهم قادتها: ما ذكره( قدّس سرّه) في المحاضرة الثانية عشرة حول اختلاف رصيد الإمام الحسن( عليه السلام) عن رصيد الإمام علي( عليه السلام) بنظر الامّة، والذي عمّقه في المحاضرة الرابعة عشرة.