وعدتني أن تفكّر»، قال: «نعم، ولكنّي بِتُّ في هذه الليلة فرأيت رسولالله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: إنّك مقتول»[1].
فتراه (عليه السلام) يجيب بهذا الجواب، يجيب بقرار غيبي من أعلى، وهذا القرار الغيبي [الصادر][2] من أعلى لا يمكن لأخلاقيّة الهزيمة أن تنكره ما دام صاحب هذه الأخلاقيّة مؤمناً بالحسين، ومؤمناً برؤيا الحسين.
طبعاً، هو لم يحدّث بهذه الرؤيا عبد الله بن الزبير[3] الذي لم يكن مؤمناً برؤيا الحسين، بل حدّث بذلك محمّد بن الحنفيّة وأمثال محمّد بن الحنفيّة[4].
فهذا شعار آخر كان يطرحه: شعار «حتميّة الموت من أعلى»؛ أنّ هناك قراراً من أعلى يفرض عليه أن يموت، أن يضحّي، أن يغامر، أن يقدم على هذه السفرة التي قد تؤدّي إلى القتل، وهذا الشعار أيضاً كان- بالرغم من واقعيّته- ينسجم مع أخلاقيّة الهزيمة، وهو في نفس الوقت شعارٌ واقعي.
3- الشعار الثالث: ضرورة إجابة دعوات أهل الكوفة:
وكان في مرّةٍ ثالثةٍ يطرح شعاراً ثالثاً: كان يقول للأشخاص الذين يمرّ بهم في طريقه من مكّة إلى العراق، في منازله المتعدّدة حينما كانوا ينصحونه بعدم التوجّه إلى العراق، كان يقول لهم: «إنّي قد تلقّيت من أهالي الكوفة دعوة
[1] اللهوف على قتلى الطفوف: 64- 65. وفي الكثير من المصادر أنّ كلامه( عليه السلام) جاء في جوابه عن كتاب عبدالله بن جعفر دون أن يقصّ عليه الرؤيا كما يظهر قريباً.
[2] ما بين عضادتين أضفناه للسياق.
[3] لم يحدّث بالرؤيا عبدالله بن الزبير[ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 383: 5]، ولكن ربما يقصد( قدّس سرّه) عبدالله بن جعفر، الذي طلب منه أن يحدّثه بها فلم يفعل، انظر: الطبقات الكبرى 448: 1: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 338: 5؛ الفتوح 67: 5؛ الكامل في التاريخ 40: 4- 41؛ البداية والنهاية 163: 8؛ تاريخ الإسلام 9: 5.
[4] حيث« قصّ رؤياه على أهل بيته وبني عبد المطّلب»، راجع: الفتوح 19: 5؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 271: 1.