2- ظهور الشكّ في رساليّة المعركة عند احتدامها وتناميه:
من الصعب جدّاً أن نقول اليوم بأنّ المسلمين بدؤوا يشكّون شكّاً واسعَ النطاق في أنّ هذه المعركة بين أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وبين معاوية بن أبي سفيان كانت معركة رساليّة، من الصعب هذا.
الآن نتصوّر أنّه كيف يمكن للمسلمين أن يشكّوا في أنّ المعركة التي كانت قائمةً بين إمام الورع والتقوى والعدالة وبين الشخص الخائن المنحرف الجاهلي- عدوِّ رسول الله وابنِ عدوِّه- كانت معركةً رساليّة؟ كيف يمكن أن يُشكّ في أنّها لم تكن معركة رساليّة؟! إلّا أنّي لا أشكّ في أنّ عدداً كبيراً من المسلمين- ومتنامياً على مرّ الزمن في عهد خلافة أمير المؤمنين- بدأ يشكّ في أنّ هذه المعركة: أَهي رساليّة حقيقيّة أو ليست رساليّة.
أسباب الشكّفي رساليّة المعركة بين الإمام عليٍّ (عليه السلام) ومعاوية:
ولنمسك الآن بأسباب هذا الشكّ:
السبب الأوّل: تضاؤل الطاقة الحراريّة وتبدّد صبابة الوعي:
أوّلًا: يجب أن نعرف أنّ المسلمين الذين نتحدّث عنهم: من هم هؤلاء؟[1]
هم اولئك الذين عرّفناهم عقيب وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، هم اولئك المسلمون الذين خلّفهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكانوا خير امّةٍ اخرجت للناس[2] على مستوى إيمانهم وطاقتهم الحراريّة واشتعالهم وكهربتهم بشخص النبيّ (صلّى الله عليه وآله) والمبادئ التي طرحها النبيّ، ولكن لم يكن لهم من الوعي العقائدي الراسخ إلّا شيءٌ قليل.
[1] في المحاضرة الصوتيّة:« … المسلمين من هم هؤلاء الذين نتحدّث عنهم؟».
[2] كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ آل عمران: 110.