السياسي والإداري ووضع معاوية السياسي والإداري، هذه الفوارق تجعل معاوية أحسن موقفاً، يعني: أثبت قدماً، وأقدر على الاستمرار في خطّه من إمام الإسلام (عليه أفضل الصلاة والسلام).
هذه الفوارق الموضوعيّة لم يصنعها الإمام بيديه، وإنّما هي نتيجة تاريخ[1]:
الفارق الأوّل: الرصيد العلوي في الشام، والرصيد الاموي في العراق:
أ- فأوّلًا: كان معاوية يستقلّ بإقليم من أقاليم الدولة الإسلاميّة، ولم يكن لعليٍّ (عليه الصلاة والسلام) أيُّ رصيدٍ أو قاعدة شعبيّة في ذلك الإقليم على الإطلاق؛ لأنّ هذا الإقليم كان قد دخل في الإسلام بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وانعزال عليٍّ عن خطّ العمل.
وكان هذا الإقليم دخل [و] دشّن حياته الإسلاميّة بولايّة امويٍّ قبل معاوية، وهو أخو معاوية: يزيد، ثمّ بعد هذا ولاية معاوية؛ فهو عاش الإسلام من منظار ومن نطاق وُلاة بني اميّة، ولم يسمع بعلي (عليه الصلاة والسلام)، ولم يتفاعل مع الوجود الإسلامي والعقائدي لهذا الإمام العظيم.
لهذا، شعارُ عليٍّ لم يكن يملك رصيداً وقاعدةً شعبيّة في المجتمع الذي تزعّمه معاوية، وحمل لواء الانشقاق فيه[2].
[1] سيعود( قدّس سرّه) إلى الحديث عن هذه الفوارق في المحاضرة الثانية عشرة، تحت عنوان: طبيعة الموقفين وصراع الاطروحتين. وإذا كان ما بحثه في هذه المحاضرة تحت عنوان: الفارق الثاني يُطابق ما بحثه في المحاضرة الثانية عشرة تحت عنوان: النقطة الاولى، فإنّه تعرّض للفوراق الاخرى من زوايا تختلف جزئيّاً عن الزوايا التي سينطلق منها في المحاضرة القادمة، فلاحظ.
[2] ويؤكّده أنّ معاوية بن أبي سفيان أتى مجلساً في فتنة مقتل عثمان« فيه عليُّ بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوّام، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعمّار بن ياسر، فقال لهم: يا معشر الصحابة! أوصيكم بشيخي هذا خيراً، فوالله، لئن قتل بين أظهركم لأملأنّها عليكم خيلًا ورجالًا، ثمّ أقبل على عمّار بن ياسر فقال: يا عمّار! إنّ بالشام مائة ألف فارس كلٌّ يأخذ العطاء مع مثلهم من أبنائهم وعبدانهم، لا يعرفون عليّاً ولا قرابته، ولا عمّاراً ولا سابقته، ولا الزبير ولا صحابته، ولا طلحة ولا هجرته، ولا يهابون ابن عوف ولا ماله، ولا يتّقون سعداً ولا دعوته» الإمامة والسياسة 46: 1.