استكمال الحديث عن ظاهرة رفض المساومات وأنصاف الحلول:
كنّا نتحدّث[1] عن تلك الظاهرة الفريدة في المرحلة التي قضاها الإمام (عليه السلام) حاكماً متصرّفاً، ومصرِّفاً لشؤون المسلمين.
هذه الظاهرة الفريدة هي ما ألمحنا [إليه] من أنّ الإمام (عليه السلام) كان حريصاً كلّ الحرص على إعطاء العناوين الأوّليّة للصيغة الإسلاميّة للحياة، والوقوف على التكليف الواقعي الأوّلي بحسب مصطلح الاصوليّين، دون تجاوزه إلى ضرورات استثنائيّة تفرضها طبيعة الملابسات والظروف[2].
قلنا: إنّ هذه النقطة بحثت من الناحية الفقهيّة ومن الناحية السياسيّة معاً، فقيل مثلًا:
لماذا لم يرضَ الإمام بأنصاف الحلول أو بشيءٍ من المساومة؟
لماذا لم يسكت؟
لماذا لم يُمْضِ- ولو بصورةٍ مؤقّتة- الجهاز الفاسد الذي تركه وخلّفه عثمان بعد موته؟ لماذا لم يُمْضِ الجهاز؟ حتّى إذا أطاعه هذا الجهازُ وأسلم له القيادة، بعد ذلك يستطيع أن يمارس بشكل أقوى وأعنف عمليّة التصفية!
كنّا نعالج هذه المسألة، وقلنا: إنّ الجوابَ عن هذا السؤال وتفسيرَ هذه الظاهرة الفريدة في حياة الإمام (عليه السلام) يتّضح بمراجعة عدّة نقاط.
[1] في المحاضرة السابقة( التاسعة).
[2] قال( قدّس سرّه):« إنّ الداعية يحتاج إلى مبرّرات كبيرة جدّاً لكي يقدم على ارتكاب العناوين الثانويّة، إنّ الداعية يجب أن يقتصر على أقلّ مقدار ممكن من العناوين الثانويّة» ومضات: 367.