بعد أن انجز هذا المطلب خلال الدور الأوّل جاء الإمام الباقر ليقول: إنّ هذا الدور الذي انجز لم يكن مجرّد أعمال شخصيّة يقوم بها أشخاص متفرّقون لأجل مصلحة الإسلام وتجمعهم الغيرة على الإسلام فحسب، بل هذا في الحقيقة هو وجهٌ ومظهرٌ لتكتّلٍ واعٍ يؤمن بالإسلام إيماناً صحيحاً واعياً، وإنّ هذا التكتّل وهذه الفرقة هي الفرقة الناجية التي ذكرها رسول الله[1]، ولها معالمها الخاصّة، وإطارها الخاصّ، وشروطها الخاصّة، وموقفها الخاصّ تجاه مختلف شؤون المعرفة الإسلاميّة التي كانت رائجةً وقتئذٍ.
بحكم [تفهّمه][2] للمسؤوليّات في نهاية الدور الأوّل، فهو- بطبيعة الحال- سوف يبني على ما بنى عليه آباؤه السابقون، وطبعاً سوف يستفيد من المكاسب الكبيرة التي حقّقها آباؤه السابقون.
منزلة الإمام الباقر (عليه السلام) في نفوس الامّة:
إنّ الخطّ التاريخي الممتدّ هذا أعطى للإمام الباقر مقاماً كبيراً في نفوس الامّة الإسلاميّة، هذا المقام الكبير هنا- والذي قرّره كونُه وريثَ اولئك الذين وقفوا في وجه الانحراف، وصانوا الإسلام في مقابل تلك الصدمة التي سبّبها ذلك الانحراف- يتجلّى في نصوص تاريخيّة كثيرة عديدة وافرة يمكن الاطّلاع عليها في تراجم الإمام الباقر (عليه السلام)[3].
أ- الإمام الباقر يعبَّر عنه في سؤال [هشام][4] حينما يراه في الحجّ يقول:
[1] راجع: الخصال 584: 2، الحديث 10.
[2] في( غ) و( ج):« تكلّمه»، ولعلّ الصادر منه( قدّس سرّه) ما أثبتناه.
[3] راجع: بحار الأنوار 46، 286، الباب 6: مكارم أخلاقه وسيره وسننه وعلمه وفضله وإقرار المخالف والمؤالف بجلالته صلوات الله عليه.
[4] في( غ) و( ج):« ابن هشام»، والصحيح ما أثبتناه.