التأثير والنفوذ والإخضاع لنفوس الآخرين، ومثل هذا لم يكن متوفّراً للإمام الحسن (عليه السلام).
العامل الرابع: شبهة وراثة الخلافة:
من عوامل تعميق الشكّ هو أنّ الحسن (عليه السلام) تسلّم مقاليد الحكم عقيب أبيه مباشرة، فاستوحى الإنسان العادي الضعيف غير الواعي من هذا العمل قرينةً جديدةً على ذلك التصوّر الخاطئ.
الإنسان الذي يفترض أنّ معركة عليٍّ (عليه السلام) مع معاوية [هي] معركة اسرة مع اسرة، معركة عشيرة مع عشيرة، لا معركة رسالة مع رسالة .. الإطار القَبَلي للمعركة، هذا الإطار عزّزه أنّ الحسن (عليه السلام) تولّى الإمامة والخلافة بعد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).
طبعاً، هذا التعزيز لم يكن [ليوجد] لو افترضنا أنّ الجماهير المسلمة كانت واعية، وكانت تعيش نظريّة الإسلام عن الإمام حقيقةً. ولكن، حيث إنّ الجماهير لم تكن واعية، وكانت هي جماهير السقيفة التي قالت: «من ينازعنا سلطان محمّد»[1]، هذه الجماهير كانت تحمل تلك الروح، ولهذا استوحت وتصوّرت أنّ تسلّم الإمام الحسن (عليه السلام) مقاليد الحكم عقيب استشهاد الإمام علي (عليه السلام) قرينةٌ على أنّ القصّة قصّة بيت في مقابل بيت، وليست قصّة رسالة في مقابل رسالة.
والذي منع الإمامَ أميرَ المؤمنين (عليه السلام) من الإعلان الرسمي والسياسي على مستوى الجماهير عن [خلافة] الإمام الحسن (عليه السلام) له في المركز السياسي هو تفادي مثل هذا التصوّر. ولهذا أوصى إلى الحواريّين- الذين يؤمنون بالنظريّة الإسلاميّة الصحيحة للإمامة- بإمامة الحسن (عليه السلام)، وعرّفهم بأنّ الحسن (عليه السلام) هو
[1] الإمامة والسياسة 25: 1، 29؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 220: 3.