وهكذا كان، وخلال المدّة التي حكم فيها معاوية بن أبي سفيان تكشّفت فيها اطروحة معاوية، أو اطروحة هذه الجاهليّة التي تزعّمها معاوية بن أبي سفيان، حتّى إنّه في يوم مات فيه معاوية بن أبي سفيان، حينما صعد الضحّاك على المنبر لينعى للمسلمين خليفتهم (وكان يزيد مسافراً)[1]، أو حينما صعد يزيد نفسه على المنبر يعلن نبأ وفاة أبيه، لم يستطع- لا الضحّاك، ولا يزيد نفسه- أن يمدح معاوية بكلمة واحدة، قال: «إنّ معاوية مات، ذهب هو وعمله»[2]؛ [يزيد بن معاوية يقول هذا الكلام.
معاوية بن أبي سف-][3]– يان فقد كلّ رصيده الروحي، وكلّ المبرّرات الاصطناعيّة التي كان يحاول تزريقها[4] في نفوس المسلمين، حتّى إنّ وليّ عهده لم يستطع أن يترحّم عليه أو أن يشايع عهده بكلمةِ ثناءٍ واحدة.
خطّة معاوية لتثبيت حكمه:
معاوية بن أبي سفيان حينما سيطر على العالم الإسلامي نتيجةً للهدنة
[1] ذكر الدينوري أنّ يزيد كان غائباً عن دمشق، فدعا معاويةُ الضحّاك بن قيس ومسلم بن عقبة ليبلّغا يزيد وصيّتَه،« ثمّ قدم عليه يزيد، فأعاد عليه هذه الوصيّة، ثمّ قضى» الأخبار الطوال: 226، بينما نقل ابن قتيبة واليعقوبي وابن أعثم والطبري أنّ يزيد رجع إلى دمشق بعد موت أبيه، فراجع: الإمامة والسياسة 225: 1؛ تاريخ اليعقوبي 239: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 328: 5؛ الفتوح 352: 4.
[2] الذي نعى معاوية في المسجد هو الضحّاك بن قيس، وقد نقل النعي بصيغ متعدّدة، وأقربها إلى ما ذكره( قدّس سرّه) ما نقله ابن أعثم الكوفي:« أيّها الناس! إنّ أمير المؤمنين معاوية قد شرب كأسه، وهذه أكفانه، ونحن مدرجوه فيها ومدخلوه[ قبره]، ومخلّون بين عمله وبينه» الفتوح 353: 4؛ مقتل الحسين( عليه السلام)( الخوارزمي) 259: 1؛ وانظر: الأخبار الطوال: 226؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 328: 5. وليزيد كلامٌ في نعي أبيه ورد في كتابه إلى الوليد بن عتبة، فراجع: أنساب الأشراف 299: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 338: 5؛ الفتوح 10: 5.
[3] ما بين عضادتين ساقطٌ من المحاضرة الصوتيّة، وقد أثبتناه من( غ).
[4] أي: حقنها.