النقطة الاولى: اختلاف الموقفين على مستوى الغزو والدفاع:
إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت عمليّته على مستوى الغزو، وكانت عمليّة معاوية على مستوى الدفاع:
أ- كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد أن تسلّم زمام الحكم في الدولة الإسلاميّة يرى نفسه مسؤولًا عن تصفية الانحراف وهذا الانشقاق غير الشرعي الذي أوجده خطّ بني اميّة والموالين لبني اميّة في جسم الامّة الإسلاميّة، وكان يرى أنّ من همّه ومن واجب الامّة الإسلاميّة القضاءَ على هذا الانشقاق.
وهو حينما ركّز عاصمته وقاعدته الشعبيّة في العراق كان مطلبه السياسي الذي يريد أن يبني هذه القاعدة الشعبيّة لتحقيقه ولبذل الجهد والتضحية في سبيله هو تصفية هذه التجزئة السياسيّة غير المشروعة في جسم الامّة الإسلاميّة. وكان معنى هذه التصفية أن يبدأ أميرُ المؤمنين (عليه السلام) معاويةَ بالهجوم والغزو، يعني ذلك: أن ينقل قاعدته الشعبيّة، ويكلّفها بأن تقوم وتتحرّك، وتخرج من بلادها مهاجرةً في سبيل الله تعالى لكي تقضي على زمرة الانحراف التي قدّر لها أن تتمركز في ثغرٍ من ثغور المسلمين، وهو الشام.
كان يعلم بأنّ العراقيّين لم يكونوا موتورين من الشاميّين بما هم شاميّون، ولم تكن مصالحهم الخاصّة قد تعطّلت عن طريق انفصال الشام عن جسم الدولة الإسلاميّة، وإنّما كان هناك اعتبارُ الرسالة، اعتبار الإسلام الذي يستصرخهم ويناديهم ليقوموا بتصفية هذا الانشقاق والقضاء على هذه التجزئة.
فهم يجب أن يكونوا مدفوعين في هذه المعركة بدافعٍ رساليٍّ كبير، ويجب أن يصلوا إلى مستوىً عظيمٍ من فهم القضيّة وإدراك أبعادها وتبيّن مضمونها؛ حتّى يكونوا على مستوى العطاء لها، عطاء النفوس والأرواح