– التي كانت هي قِبلة الفكر الإسلامي في كلّ ميادين المعرفة- مثلُ هذا التصوّر، وتتصوّر أنّ شخصاً طفلًا هو إمام، [والحال أنّه] ليس بإمام.
إن أمكن لشخصٍ أن يتصوّر أنّ رجلًا عالماً كبيراً محيطاً مطّلعاً بلغ الخمسين أو الستّين يستطيع أن يقنع مجموعةً من الناس بإمامته وهو ليس بإمام؛ لأنّه يتّصف بدرجةٍ كبيرةٍ من العلم والمعرفة والذكاء والاطّلاع، فليس بالإمكان أن نفترض ذلك في شخصٍ لم يبلغ العاشرة من عمره.
وكيف يستطيع أن يقنع طائفةً بإمامته كذباً وهو مكشوفٌ أمامها؟ وهذه الطائفة تشتمل على مدرسة فكريّة من أضخم المدارس الفكريّة التي وجدت في العالم الإسلامي يومئذٍ، مدرسة كان يوجد بعض قطّاعاتها في الكوفة، وبعض قطّاعاتها في قم، وبعض قطّاعاتها في المدينة، هذه المدرسة التي كانت موزّعةً في حواضر العالم الإسلامي، والتي كانت كلّها على صلةٍ مباشرةٍ بالإمام الجواد تستفتيه وتسأله، وتنقل إليه الأموال من مختلف الأطراف من شيعته[1]، مثل هذه المدرسة لا يمكن أن نتصوّر فيها أن تغفل عن حقيقة طفل [ليس] إماماً.
3- الافتراض الثالث: عدم وضوح مفهوم الإمامة لدى الطائفة:
يبقى افتراضٌ آخر، وهو: أنّ الطائفة لم يكن عندها مفهومٌ [عن] الإمام والإمامة، وكانت تتصوّر أنّ الإمامة مجرّد تسلسلٍ نسبيٍّ ووراثيٍّ، ولم تكن تعرف ما هو الإمام؟ وما هي قيمة الإمام؟ وما هي شروط الإمام؟
هذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر المستفيض من أمير المؤمنين إلى الإمام الرضا (عليهما السلام) عن شروط الإمام، ومحصول الإمام، وعلامات الإمام.
[1] راجع: بحار الأنوار 85: 50- 109، الباب 5 من تاريخ الإمام الجواد( عليه السلام).