التشيّع قام بصورة أساسيّة على المفهوم الإلهي المعمّق للإمامة، هذا هو أوضح وأبده وأوّل مفهوم من مفاهيم التشيّع، وهو: أنّ الإمام إنسان فذٌّ فريدٌ في معارفه وأخلاقه وقوله وعمله، هذا هو المفهوم الأساسي للتشيّع الذي بشّرت به آلاف النصوص من عهد أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) إلى عهد الإمام الرضا (عليه الصلاة والسلام)، كلّ الخصوصيّات وكلّ التفاصيل أصبحت بالتدريج واضحةً في ارتكاز الطائفة وذهنيّتها، حتّى بعض التفاصيل الثانويّة.
يقول الراوي[1] في مناسبة قصّة الإمام الجواد (عليه الصلاة والسلام): «دخلت المدينة بعد وفاة الإمام الرضا أسأل عن الخليفة بعده، فقيل: إنّ الخليفة في قرية قريبة من المدينة[2]، فخرجت إلى تلك القرية، ودخلت داخل القرية وكان فيها بيت للإمام موسى بن جعفر انتقل بالوراثة إلى أولاده وأحفاده»، يقول: «فرأيت البيت غاصّاً بالناس، رأيت أحد إخوة الإمام الرضا[3] جالساً يتصدّر المجلس، إلّا أنّ الناس يقولون في ما بينهم: إنّ هذا ليس هو الإمام بعد الإمام الرضا؛ لأنّنا سمعنا من الأئمّة أنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين»[4].
كلّ التفاصيل وكلّ الخصوصيّات النَسَبيّة والمعنويّة كانت واضحةً ومحدّدةً عندهم.
إذاً، فهذا الافتراض أيضاً يكذّبه واقع التراث المتواتر الثابت عن الأئمّة السابقين (عليهم الصلاة والسلام).
[1] بل: محمّد بن جمهور العمي والحسن بن راشد وعلي بن مدرك وعلي بن مهزيار وخلقٌ كثير من سائر البلدان.
[2] وهي« صريا»، قريةٌ أسّسها موسى بن جعفر( عليهما السلام) على ثلاثة أميال من المدينة.
[3] وهو عبدالله بنى موسى بن جعفر( عليهما السلام).
[4] مناقب آل أبي طالب 382: 4. والحديث:« لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسين والحسين» الكافي 285: 1، الحديث 1.