ب- وهذا بخلاف العكس؛ فإنّ شعار معاوية كان يملك رصيداً قويّاً وقاعدةً قويّة في المجتمع الذي تزعّمه الإمام (عليه الصلاة والسلام)؛ لأنّ معاوية كان يحمل شعار الخليفة القتيل، والمطالبة بدم الخليفة القتيل[1]، والخليفة القتيل كان هو أميرَ ذلك المجتمع الذي تزعّمه علي (عليه الصلاة والسلام)، وكان لهذا الخليفة القتيل اخطبوطٌ في هذا المجتمع، وقواعدُ في هذا المجتمع، وأرحامٌ في هذا المجتمع، ومنتفعون ومرتزقون في هذا المجتمع.
ولهذا، كان شعار معاوية بن أبي سفيان يلتقي مع وجودٍ ومع قاعدةٍ ورصيدٍ في داخل مجتمع أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام)، بينما لم يكن شعار الإمام (عليه الصلاة والسلام) يلتقي مع قاعدةٍ ورصيدٍ في داخل مجتمع معاوية.
الفارق الثاني: اختلاف الموقفين على مستوى الغزو والدفاع:
من ناحية اخرى، كانت طبيعة المهمّة تميّز معاوية عن عليّبنأبيطالب:
أ- لأنّ أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام)- بوصفه الحاكمَ الشرعيَّ المسؤول عن الامّة الإسلاميّة- كان يريد أن يقضي على هذا الانشقاق الذي ولد في جسم الامّة، وذلك بتصفية حساب هؤلاء المنحرفين، وإجبارهم بالقوّة على الانضمام إلى
[1] « وكان أهل الشام .. لمّا قدم عليهم النعمان بن بشير بقميص عثمان( رضي الله عنه) الذي قتل فيه مخضّباً بدمه وبأصابع نائلة زوجته مقطوعة بالبراجم، إصبعان منها وشيء من الكف، وإصبعان مقطوعتان من اصولهما ونصف الإبهام، وضع معاوية القميص على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، وثاب إليه الناس، وبكوا سنة وهو على المنبر والأصابع معلّقة فيه، وآلى الرجال من أهل الشام ألّا يأتوا النساء ولا يمسّهم الماء للغسل إلّا من احتلام، ولا يناموا على الفرش حتّى يقتلوا قتلة عثمان، ومن عرض دونهم بشيء أو تفنى أرواحهم، فمكثوا حول القميص سنة والقميص يوضع كلّ يوم على المنبر ويجلّله أحياناً فيلبسه، وعلّق في أردانه أصابع نائلة( رضي الله عنها)» تاريخ الامم والملوك( الطبري) 562: 4، وراجع: الإمامة والسياسة 103: 1.