الخطّ الشرعي[1].
وكان هذا يستدعي الدخول في حرب، ودفع الإنسان المسلم الذي كان يعيش تحت راية الإمام علي إلى ساحة حرب، لا ليدافع عن نفسه وعن إقليمه، بل ليغزو إقليماً آخر.
كان عليٌّ (عليه الصلاة والسلام) يريد من العراقي أن يخرج من العراق، تاركاً أمنَه وهدوءه واستقرارَه ومعيشتَه ورخاءه ليحارب اناساً شاميّين لم يلتقِ معهم بعداوةٍ سابقة، وإنّما فقط بفكرة أنّ هؤلاء انحرفوا، ولا بدّ من إعادة أرض الشام إلى المجتمع الإسلامي والدولة الإسلاميّة، فكان موقف عليٍّ (عليه الصلاة والسلام) يتطلّب ويفترض [و] يطرح قضيّة الهجوم.
ب- وأمّا معاوية بن أبي سفيان، فكان يكتفي في تلك المرحلة بأن يحافظ على وجوده في الشام[2]، لم يكن معاوية بن أبي سفيان يفكّر- ما دام أمير المؤمنين [حيّاً]- أن يهاجم أميرَ المؤمنين، وأن يحارب العراق، ويضمّ العراق إلى مملكته، وإنّما كان يفكّر فقط في أن يحتفظ بهذا الثغر من ثغور المسلمين حتّى تتهيّأ له الفرص والمناسبات والظروف الموضوعيّة بعد ذلك لِأَنْ يتآمر على الزعامة المطلقة في كلّ أرجاء المجتمع الإسلامي.
فمعاوية لم يكن يقول للشامي: «تعالَ اخرج من الشام مطلِّقاً كلَّ راحتك واستقرارك وهدوءك، واذهب إلى العراق لتحارب شخصاً لم تعادِه من قبل، لا لشيء إلّا لأنّ هذا الشخص خارجٌ عن طاعتي».
[1] فقال( عليه السلام):« ولستُ أستحلُّ أن أدع ضرب معاوية يحكم على الامّة ويركبهم ويشقَّ عصاهم» وقعة صفّين: 189.
[2] كتب معاوية إلى عليٍّ( عليه السلام):« وقد كنتُ سألتك الشام على ألّا يلزمني لك طاعة ولا بيعة، فأبيت ذلك عليَّ»، فأجابه( عليه السلام):« فأمّا طلبك الشام، فإنّي لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك منها أمس» وقعة صفّين: 470، 471. وكتب معاوية إلى ابن عبّاس:« وقد قنعنا بما كان في أيدينا من ملك الشام، فاقنعوا بما في أيديكم من ملك العراق» وقعة صفّين: 414.