الذي كان يسمّى بالمصطلح الإسلامي بالهرقليّة والكسرويّة «1».
هذه هي المؤامرة، وهذه المؤامرة هي التي كان يسعى خطّ السقيفة بالتدريج- عامداً أو غير عامدٍ- إلى تعميقها، إلى إنجاحها في المجتمع الإسلامي.
فلو أنّ الإمام (عليه السلام) كان قد مارس أنصاف الحلول، لو كان قد باع الامّة بيعاً مؤقّتاً مع خيار الفسخ، إذاً لكان بهذا قد اشترك في إنجاح وفي سلخ الامّة عن إرادتها وشخصيّتها.
كانت الامّة وقتئذٍ بحاجةٍ كبيرةٍ جدّاً لكي تستطيع أن تكون على مستوى مسؤوليّات ذلك الموقف العصيب، وعلى مستوى القدرة للتخلّص من تبعات هذه المؤامرة.
كان لا بدّ من أن تشعر بكرامتها، بإرادتها، بحرّيتها، بأصالتها، بشخصيّتها في المعترك، وهذا كلّه ممّا لا يتّفق مع ممارسة الإمام (عليه السلام) لأنصاف الحلول.
النقطة الخامسة: عدم تأتّي الإصلاح على أيدي الأجهزة الفاسدة:
النقطة الخامسة التي لا بدّ من الالتفات إليها في هذا المجال هي: أنّ الإمام (عليه السلام) لو كان قد أمضى الأجهزة الفاسدة التي خلّفها الخليفة المنحرف «2» من قبله وأقرّها، لكان من غير المعقول- بمقتضى طبيعة الأشياء- أن يستطيع بعد هذا أن يمارس عمليّة التغيير الحقيقي في هذه التجربة التي يتزعّمها.
في الواقع: إنّ هذا الفهم لموقف الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي أعرضُه في هذه النقطة مرتبطٌ بحقيقة مطلقة تشمل موقف الإمام (عليه السلام)، وتشمل أيَّ موقف رسالي عقائدي آخر مشابه لموقف أمير المؤمنين يستهدف تغييرا