وخرج الناس إلى القتال.
الذهنيّة العامّة وتفسيرها لطبيعة الخلاف بين علي (عليه السلام) ومعاوية:
إلّا [أنّنا][1] هنا- ونحن قد درسنا عليّاً مع معاوية بحسب ظروفهما الموضوعيّة- لا بدّ وأن ندرس الذهنيّة العامّة للمسلمين أيضاً، الذهنيّة العامّة للمسلمين كيف كانت؟ وكيف كانت تفسّر هذا الخلاف الموجود بين علي (عليه الصلاة والسلام) وبين معاوية؟!
1- عدم الشكّ في رساليّة المعركة عند انطلاقتها:
الذهنيّة العامّة للمسلمين- باستثناء الشام- بدأت الأمر وهي تفسّر هذا الخلاف بين علي (عليه الصلاة والسلام) ومعاوية بأنّه خلافٌ بين خطّ خلافةٍ راشدةٍ وبين شخصٍ يحاول الخروج على هذه الخلافة الراشدة. كانوا ينظرون إلى عليٍّ- بشكل عام- [على] أنّه هو الخليفة الراشد الذي يريد أن يحافظ على الإسلام، ويحافظ على خطّ القرآن، وأنّ معاوية بن أبي سفيان يحاول أن يتآمر.
هذا المفهوم استطاع أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) أن [يحقنه] بالرغم من كلّ تلك الظروف الموضوعيّة التي قلناها[2]، استطاع أن [يحقنه] في ذهن القاعدة الشعبيّة الواسعة في كلّ أرجاء العالم الإسلامي، عدا القطر الذي كان يرتبط بمعاويةبنأبي سفيان.
وهذه الذهنيّة هي التي كانت تصبغ على المعركة بين عليٍّ ومعاوية طابعَ الرسالة، كانت تعطيه هذه المعركة معنىً رساليّاً، وكانت تفسّر هذه المعركة بأنّها معركة بين اتّجاهين، بين فكرين، بين هدفين، وليست بين شخصين أو بين زعامتين شخصيّتين، إلّا أنّ الامور تطوّرت بعد هذا.
[1] في المحاضرة الصوتيّة:« أنّه».
[2] أي النقاط الأربع التي تقدّم الحديث عنها آنفاً، والتي سيرجع إليها( قدّس سرّه) في المحاضرة الثانية عشرة.