وهكذا، كان أمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) ثلاثة خطوط لا بدّ من أن يدرس موقفه على أساسها:
[الاعتبار] الأوّل: كونه أميناً على الرسالة، أي على الاطروحة النظريّة، أي على الصيغة الإسلاميّة الكاملة للحياة، نظريّاً، روحيّاً.
الاعتبار الثاني: كونه أميناً على التجربة السياسيّة التي جسّدت تلك الاطروحة.
الاعتبار الثالث: كونه أميناً على الكتلة التي بذرها النبي ونمّاها الإمام عليٌّ، وكان من المفروض أن تمتدّ مع تاريخ الإسلام.
أسباب زوال الاقتناع التدريجي بالصيغة الإسلاميّة للحياة[1]:
أمّا على الاعتبار الأوّل من هذه الاعتبارات الثلاثة- يعني: بوصفه أميناً على الاطروحة النظريّة، على الصيغة الإسلاميّة للحياة بوصفها خطّاً يجب أن يعيش في عقول وأرواح ونفوس المسلمين- فقد كانت أقسى المفارقات هذه المفارقةُ التي تبيّناها في ما سبق[2]؛ حينما رأينا أنّ هذه الصيغة الإسلاميّة الكاملة للحياة كان وصولها إلى درجة الحكم وممارستها للحكم- بنفسه وبصورةٍ غير مباشرةٍ- السببَ في زوال الاقتناع بها من قبل القواعد الشعبيّة بالتدريج، لا لأنّ وصولها إلى الحكم كشّف[3] عن وجهٍ منحرفٍ، عن سلوكٍ غير منطبقٍ على النظريّة، غير منسجمٍ مع قيمها وأهدافها، بل لأنّ القاعدة الشعبيّة التي وصل على أكتافها قائدُ هذه النظريّة إلى الحكم لم تكن تستطيع
[1] لم نقم بصياغة هذا العنوان على أساس الاعتبارات الثلاثة؛ لأنّ الشهيد الصدر( قدّس سرّه) سيدخل في استطراد، ثمّ يرجع إلى الحديث عن الفارق بين موقف الإمام الحسن( عليه السلام) وبين موقف الإمام الحسين( عليه السلام) على ضوء هذه الاعتبارات.
[2] في المحاضرتين الحادية عشرة والثانية عشرة.
[3] أو« كَشَفَ»، وما أثبتناه هو الوارد في المحاضرة الصوتيّة.