الأخلاقيّة الجديدة عن طريق هزّ ضمير الامّة الإسلاميّة، ولم يكن بإمكانه أن يهزّ ضمير الامّة الإسلاميّة إلّا إذا قام بعملٍ مشروعٍ في نظر هذه الامّة الإسلاميّة التي ماتت إرادتها وتغيّرت أخلاقيّتها، والتي أصبحت تعيش هذه المفاهيم التي انعكست في كلمات هؤلاء الذين تحدّثنا عنهم.
كان لا بدّ أن يراعي الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) في سيره وتخطيطه هذه الأخلاقيّة وأن لا يستفزّها؛ لكي يبقى محتفظاً لعمله بطابع المشروعيّة في نظر المسلمين، الذين ماتت أخلاقيّتهم الحقيقيّة وتبدّلت مفاهيمهم عن العمل والسلب والإيجاب.
تخطيط الإمام الحسين (عليه السلام) لعمليّة التحويل:
كان الإمام الحسين (عليه السلام) في الواقع قد اتّخذ منذ البدء موقفاً إيجابيّاً واضحاً صريحاً بينه وبين ربّه، كان قد صمّم منذ اللحظة الاولى على أن يخوض المعركة مهما كلّفه الأمر على جميع الأحوال والتقادير، وأن يخوضها إلى آخر الشوط وإلى أن يضحّي بآخر قطرةٍ من دمه، كان يفكّر تفكيراً إيجابيّاً مستقلًّا في ذلك، لم يكن يتحرّك نتيجةً لردود فعلٍ من الامّة، بل كان هو يحاول أن يخلق ردود الفعل المناسبة لكي يتحرّك.
ومن أدلّة ذلك:
أ- أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) بدأ بنفسه الكتابة إلى زعماء قواعده الشعبيّة في البصرة[1].
نعم، لم يروِ لنا التاريخ أنّه كتب ابتداءً بشكلٍ مكشوفٍ واضحٍ إلى زعماء
[1] تاريخ الامم والملوك( الطبري) 357: 5؛ الفتوح 37: 5. وقد تقدّم الحديث عن رسالة الإمام الحسين( عليه السلام) إلى زعماء البصرة، فراجع: المحاضرة التاسعة عشرة، مشاهد موت الإرادة في المجتمع الحسيني، المشهد الثالث.