قواعده الشعبيّة في الكوفة[1]، ولكنّ التاريخ حدّث بأنّه كتب وابتدأ بالحديث والتحريك لقواعده الشعبيّة في البصرة، وأعلن في رسالته لهم أنّه قد قرّر الخروج على سلطان بني اميّة، قال لهم بأنّ هذا الحقَّ هو حقُّ هذا الخطّ الذي يمثّله هو ويمثّله أخوه وأبوه (عليهم السلام)، إلّا أنّه سكت وسكت أبوه وأخوه حينما كان الكتاب والسنّة تراعى حرمتهما.
أمّا حينما انتهكت حرمة الكتاب وحرمة السنّة، حينما اميتت السنّة، حينما احييت البدع، حينما انتشر الظلم، لا بدّ لي أن أتحرّك، ولا بدّ لي أن اغيّر، ولا بدّ لكم أن تحقّقوا في هذا الموقف درجة تفاعلكم مع رسالتكم. قال ذلك بوضوح، وطلب منهم بشكلٍ ابتدائيٍّ الالتفافَ حول حركته.
وهذا يعني أنّ الإمام الحسين لم يكن في موقفه يعبّر عن مجرّد استجابةٍ لردود فعلٍ عاطفيّةٍ أو منطقيّةٍ في الامّة، بل كان هو قد بدأ منذ اللحظة الاولى في تحريك الامّة نحو خطّته وخطّ عمله.
ب- موقفه من والي المدينة[2] أيضاً واضحٌ في ذلك، حينما استُدعي من قبل والي المدينة وعرض عليه الوالي في نصف الليل أن يبايع يزيد بن معاوية.
وحينما تكشّف لوالي المدينة أنّ امتناع الحسين (عليه الصلاة والسلام) عن البيعة هو بحسب الحقيقة لون من ألوان الرفض، صرّح بعد هذا الإمامُ الحسينُ بكلّ وضوح عن إيمانه بحقّه في الخلافة، وقال: «نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة»[3]. وكان هذا واضحاً في إعلانه العزمَ والتصميمَ على حركة مسلّحة ضدّ السلطان القائم وقتئذٍ.
[1] حيث كتب إلى أهالي الكوفة بعد أن وردته كتبهم، فراجع: الأخبار الطوال: 229؛ الإمامة والسياسة 7: 2؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 347: 5.
[2] هو: الوليد بن عتبة.
[3] الفتوح 14: 5؛ مثير الأحزان: 24؛ اللهوف على قتلى الطفوف: 22.