بعد هذا لتاريخ المسلمين- لم يكن بالإمكان أن تمضي دون أن يقف الصحابة- الممثّلون لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)- وأهل البيت (عليهم السلام)- الذين هم القادة الحقيقيّون للصحابة- الموقفَ الدينيَّ الواضح المحدّد من عمليّة التحويل[1] هذه.
الموقف الثاني: رفض المبايعة مع البقاء في المدينة أو مكّة:
الموقف الثاني هو أن يظلّ الإمام الحسين (عليه السلام) في المدينة أو في مكّة ويرفض البيعة. حينما يرفض البيعة يبيّن بذلك شجبه لعمليّة التحويل، ولكنّه يظلّ باقياً في مكّة أو المدينة حتّى يقضي الله بما هو قاضٍ.
والإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) نفسه كان يؤكّد- والظروف الموضوعيّة كلّها كانت تشهد على طبق تأكيده، بقطع النظر عن إمامته وعصمته- أنّه لو بقي في المدينة أو في مكّة لقتل من قبل بني اميّة .. إنّ بني اميّة لا يدعونه حتّى يقتلوه ويغتالوه، ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة[2].
وهذا القتل الضائع لم يكن يحقّق ذلك المكسب الذي يريده على مستوى هذه الأقسام الأربعة.
صحيحٌ أنّه يقتل في سبيل امتناعه عن مبايعة يزيد بن معاوية، لكن أين هذا من ذاك القتل الذي استطاع أن يحرّك البقيّة الباقية من عواطف المسلمين تجاه نبيّهم ورسالتهم وقرآنهم؟!
[1] في( ح) و( غ):« التحديد»، وما أثبتناه من( ل) و( ن).
[2] كلامه( قدّس سرّه) ناظرٌ إلى مقولة متداولة، ولكنّنا لم نعثر عليها في مصادر متقدّمة، وقد نُقلت عن( الخصائص الحسينيّة: 32) للشيخ جعفر التستري( 1303 ه-)( مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة 154: 2)، ولكنّنا لم نعثر عليها فيه. وقد نقلها الشيخ الحائري( و 1300 ه-) عن بعض نسخ( بحار الأنوار)، فراجع: معالي السبطين: 239. نعم، أصلُ التربّص به والغيلة به( عليه السلام) معلوم، فراجع: المحاضرة العشرين، تحت عنوان: شعارات الإمام الحسين( عليه السلام) في تبرير مخطّطه، الشعار الأوّل: حتميّة القتل.