العابدين»[1].
وقد كان للمسلمين عموماً تعلّقٌ عاطفيٌّ شديدٌ بهذا الإمام، وولاءٌ روحيٌّ عميقٌ له، وكانت قواعده الشعبيّة ممتدّةً في كلّ مكان من العالم الإسلامي، كما يشير إلى ذلك موقف الحجيج الأعظم منه حينما حجَّ هشامُ بنُ عبد الملك وطاف، وأراد أن يستلم، فلم يقدر على استلام الحجر الأسود من الزحام، فنُصِب له منبر، فجلس عليه ينتظر.
ثمّ أقبل زين العابدين وأخذ يطوف، فكان إذا بلغ موضع الحجر انفرجت الجماهير وتنحّى الناس حتّى يستلمه؛ لعظيم معرفتها بقدره وحبّها له على اختلاف بلدانهم وانتساباتهم. وقد سجّل الفرزدق هذا الموقف في قصيدة رائعة مشهورة[2].
الإمام زين العابدين (عليه السلام) مفزع المسلمين في كافّة مشاكل الحياة:
ولم تكن ثقةُ الامّة بالإمام زين العابدين- على اختلاف اتّجاهاتها ومذاهبها- مقصورةً على الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت تؤمن به مرجعاً وقائداً ومَفزعاً في كلِّ مشاكل الحياة وقضاياها بوصفه امتداداً لآبائه الطاهرين.
ومن أجل ذلك، نجد أنّ عبد الملك حينما اصطدم بملك الروم وهدّده الملك الروماني باستغلال حاجة المسلمين إلى استيراد نقودهم من بلاد الرومان لإذلال المسلمين وفرض الشروط عليهم، وقف عبد الملك متحيّراً وقد ضاقت
[1] تاريخ اليعقوبي 305: 2.
[2] الأغاني 246: 21؛ تاريخ مدينة دمشق 400: 41؛ تذكرة الخواص: 296؛ تاريخ الإسلام 208: 8؛ البداية والنهاية 108: 9. وفي: الفتوح 72: 5 أنّه أنشأها في الإمام الحسين( عليه السلام)، وقد تقدّم منه( قدّس سرّه) الاستشهاد بهذه الحادثة في المحاضرة الرابعة، تحت عنوان: علاقة العطاء التي شدّت الامّة إلى الأئمّة( عليهم السلام).