عمق هذا المرض في جسم الامّة.
وهذا المرض كان يشمل كلّ قطّاعات الامّة، عدا بصيصٍ هنا وهناك تجمّع على الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) خلال خطّ عمله وحركته.
المشهد الأوّل: التخويف بالموت من عقلاء المسلمين:
لاحظنا[1] كيف أنّ الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) حينما قرّر السفر من المدينة إلى مكّة، أو في النهاية حينما قرّر الهجرة من الحجاز متّجهاً إلى العراق، متّجهاً إلى تسلّم مسؤوليّاته كشخصٍ ثائرٍ حاكمٍ على طواغيت بني اميّة .. رأينا كيف أنّ هذا الإمام الذي رسم له هذا الخطّ، كيف كان يتلقّى من كلّ صوب وحدب النصائح من عقلاء المسلمين- أو مَن يسمّون يومئذٍ بعقلاء المسلمين- الذين يؤثرون التعقّل على التهوّر .. كيف أنّ هؤلاء العقلاء أجمعت كلمتهم على أنّ هذا التصرّف من الإمام الحسين ليس تصرّفاً طبيعيّاً[2]؛ كانوا يخوّفونه بالموت، كانوا يقولون له: «كيف تثور على بني اميّة وبنو اميّة بيدهم السلطان، بيدهم الرجال والمال، بيدهم كلّ وسائل الإغراء والترغيب والترهيب؟!».
كانوا يحدّثونه عن النتائج التي وصل إليها الإمام عليٌّ في صراعه مع بني اميّة، والتي وصل إليها الإمام الحسن في صراعه مع بني اميّة. كانوا يمنّونه السلامة، كانوا لا يتصوّرون أنّ التضحية يمكن أن تكون بديلًا لحياة بالإمكان الاحتفاظ بأنفاسها مهما كانت هذه الأنفاس، ومهما كانت ملابسات هذه الأنفاس.
هذه النصائح لم يتلقَّها الإمام الحسين من رعاع أو من عوام، وإنّما
[1] راجع التفاصيل التي يذكرها( قدّس سرّه) هنا في المحاضرة السادسة عشرة، تحت عنوان: مشاهد موت الضمير وفقدان الإرادة، المشهد الأوّل. وسيأتي مجدّداً في المحاضرة الحادية والعشرين، تحت عنوان: الإمام الحسين( عليه السلام) يعالج مرض موت إرادة الامّة.
[2] راجع المحاضرة السادسة عشرة.