– والذي اشتدّ على أساس هذه العوامل- تحوّل- كما قلنا- كيفيّاً من طاقة سلبيّة إلى طاقة إيجابيّة، وتحوّل كمّيّاً من شكٍّ يعيشه بعض الأفراد والجماعات إلى شكٍّ تعيشه الجماهير في مختلف قطّاعات هذا المجتمع الذي كان يحكمه الإمام الحسن (عليه السلام).
هذا الشكّ يبدو بكلّ وضوح ومنذ اللحظة الاولى لتسلّم الإمام الحسن (عليه السلام) مقاليد الحكم، أو منذ اللحظة الاولى التي [فجع] فيها الإمام (عليه السلام) باستشهاد أبيه إلى اللحظة الأخيرة التي تمّ فيها تسليم الأمر لمعاوية.
في كلّ هذه الفترة القصيرة- منذ اللحظة الاولى إلى اللحظة الأخيرة- نحن نجد الشواهد تلو الشواهد والدلائل تلو الدلائل على هذا الشكّ- المرير، المتزايد، المتنامي في نفوس الجماهير- في القائد، وفي الاطروحة، وفي الأهداف، وفي الرسالة.
ظروف بيعة الإمام الحسن (عليه السلام):
الإمام علي (عليه السلام) يستشهد، ويعلن الإمام الحسن (عليه السلام) عن وفاة الإمام العظيم، ولم يعلن عن مسألة الخليفة لتعيين ما يملأ به الفراغ السياسي الذي تركه الإمام علي (عليه السلام)، [بل] يذهب الإمام الحسن (عليه السلام) إلى المسجد يؤبّن الإمام عليّاً، [يقرّظ][1] أباه وينعاه، وفي هذا [التقريظ] يحاول أن يدفع الشكّ بقدر ما يمكن لكلماتٍ أن تدفع الشكّ. أراد أن يستعرض صورةً ملخّصةً عن هذا الإمام العظيم الذي خرّ شهيداً في المسجد بين المسلمين، أراد أن يقدّم بين المسلمين صورةً موجزةً عن هذا الرجل النظيف الذي لم يعش لحظةً إلّا لرسالته ولإسلامه.
بعد أن ألقى [الخطبة] التي أراد فيها أن يدفع الشكّ- بقدر ما يمكن
[1] في( غ) و( ه-):« يقرّر .. التقرير»، ونحتمل بشدّة أن يكون الصادر منه( قدّس سرّه) ما أثبتناه.