الطريقين محقِّقاً لحاجة الرسالة في الانسحاب مؤقّتاً لكي تكتسب الاقتناع؟
ويزداد هذا السؤال جولاناً في الذهن حينما يُقارَن موقف الحسن (عليه الصلاة والسلام) بموقف الإمام الثالث (عليه أفضل الصلاة والسلام) حينما وقف بين الطريقين، فاختار أن يخرّ صريعاً بدلًا عن أن يوقف العمل ولو مؤقّتاً.
إلّا أنّنا قلنا في أيّام سبقت[1]، ونقول الآن أيضاً: إنّ فرقاً أساسيّاً كبيراً بين موقف الحسن (عليه الصلاة والسلام) وموقف الإمام الحسين. وسوف نتبيّن هذا الفرق على مستوى الاعتبارات الثلاثة التي سوف ندرس على أساسها موقف الحسن (عليه الصلاة والسلام).
على كلّ واحدٍ من هذه الاعتبارات الثلاثة يبدو هناك فرقٌ كبيرٌ بين موقف الحسن وموقف الحسين، بين الظروف الموضوعيّة لموقف الإمام الحسن والظروف الموضوعيّة لموقف الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام):
1- الفرق بين موقفي الحسنين (عليهما السلام) على ضوء الاعتبار الأوّل:
أمّا على هذا الاعتبار الذي نحن نعالجه الآن- على مستوى الرسالة- فهناك فرقٌ كبيرٌ حتّم على الإمام الحسين أن يختار الطريق الأوّل، ولم يكن هناك هذا المحتِّم بالنسبة إلى الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام)، بل كان ما يحتّم الطريق الثاني على أساس الاعتبارات الاخرى.
الأمر الذي كان يحتّم على الإمام الحسين أن يختار الطريق الأوّل- وهو أن يواصل حتّى يخرّ صريعاً- هو أنّ الامّة وقتئذٍ لم تكن تعيش حالة الشكّ، بل كانت تعيش حالة موت الإرادة، وفرق بين المرضين:
أ- الإمام الحسن (عليه السلام) يواجه مرض الشكّ:
أحدهما مرضٌ سمّيناه بالشكّ، هذا الذي تبيّنّاه ودرسناه[2]: أنّ الامّة
[1] في ذيل المحاضرة الثانية عشرة.
[2] في ذيل المحاضرة الثانية عشرة كذلك.