وأن يكونوا مثلًا، أن يكونوا اطروحةً، أن يكونوا مثلًا أعلى. كانوا (عليهم السلام) يعملون على خطّين: خطّ بناء المسلمين الشيعيّين الصالحين، وخطّ ضرب المثل الأعلى لمجموع المسلمين بقطع النظر عن كونهم شيعة أو سنّة.
هناك علماء من كبار علماء السنّة أفتوا بوجوب الجهاد، وبوجوب القتال بين يدي ثوّار آل محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله): أبو حنيفة النعمان قبل أن ينحرف، قبل أن يرشيَه السلطان ويصبح من فقهاء عمّال السلطان، أبو حنيفة نفسه- الذي كان من أعيان السنّة ومن زعماء السنّة، هو نفسه- خرج مقاتلًا ومجاهداً مع رايةٍ من رايات آل عليٍّ (عليه السلام)، وأفتى بالجهاد مع رايةٍ من رايات آل عليٍّ (عليه السلام)[1]، مع راية تحمل شعار عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام). كلُّ هذا قبل أن يتعامل مع السلاطين[2].
إذاً، فاتّجاه عليٍّ (عليه السلام) لم يكن اتّجاهاً منفرداً محدوداً، كان اتّجاهاً واسعاً على مستوى الامّة الإسلاميّة كلِّها؛ لأجل أن يحصّن الامّة الإسلاميّة كلَّها، لأجل أن يعرّف الامّة الإسلاميّة ما هو الإسلام، وما هي أهداف الإسلام، وكيف يمكن للإنسان أن يعيش حياةً إسلاميّة، وفي إطار مجتمعٍ إسلامي.
العبرة التربويّة التي نأخذها من سيرة الإمام عليٍّ (عليه السلام)[3]:
المهم من هذا الحديث أن نأخذ العبرة وأن نقتدي حينما نرى أن
[1] « وكان أبو حنيفة( رحمه الله) يفتي سرّاً بوجوب نصرة زيد بن علي( رضوان الله عليهما) وحمل المال إليه والخروج معه على اللصّ المتغلّب المتسمّى بالإمام والخليفة، كالدوانيقي وأشباهه» الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل 184: 1، وقد نسب أبو حنيفة إلى أنّه زيديُّ المذهب( الرسائل السياسيّة: 450)، كما كان أبو حنيفة يجاهر بأمر إبراهيم بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أبي طالب( عليه السلام)( تاريخ الإسلام 43: 9).
[2] حيث أوكل إليه المنصور عمارة مدينة بغداد بعد أن رفض تولّي القضاء، فراجع: كتاب البلدان: 284؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 619: 7؛ الإنباء: 64؛ الكامل في التاريخ 559: 5؛ البداية والنهاية 97: 10.
[3] توقّف حديثه في( م) عند المقطع السابق، وما يأتي أثبتناه من( ف) بعد سقوطه من( غ).