الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) بوصفه أميناً على النظريّة، على التراث الفكري، على الإسلام بوصفه خطّاً يجب أن يمتدّ مع الأجيال روحيّاً وذهنيّاً، بهذا الاعتبار كان لا بدّ أن يكسب الاقتناع بهذا الخطّ.
وقلنا بأنّ هذا الاقتناع توقّف على أن ينحسر، فكان لا بدّ أن ينحسر، لا بدّ أن يُخْلي الميدان لعدوّه، وكان [يُمكن أن يتحقّق] هذا الإخلاء [بأحد] طريقين: إمّا بأن يواصل حتّى يخرّ صريعاً في ميدان المعركة، وإمّا أن يوقّف[1]، وكان الطريق الأوّل سلبيّاً تجاه المكاسب التي حقّقها الإمام الحسين حينما سلك نفس هذا الطريق.
هذا كلّه على الاعتبار الأوّل.
2- الفرق بين موقِفَي الحسنين (عليهما السلام) على ضوء الاعتبار الثاني:
وأمّا الاعتبار الثاني من اعتبارات الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام)، [وهو] اعتباره بوصفه أميناً على التجربة، أميناً على الواقع السياسي الحيّ الذي كان يجسّد تلك الصيغة الإسلاميّة الكاملة للحياة .. فبوصفه أميناً على هذه التجربة كان لا بدّ أن يدرس موقفه أيضاً ليختار أحد هذين الطريقين.
أصبح واضحاً على ضوء ما سبق[2] أنّ التجربة كان من المستحيل أن تبقى وأن تواصل وجودها، كان من المستحيل افتراض النصر في هذه المعركة- الذي هو معنى بقاء التجربة- ومواصلة وجودها؛ لأنّ أيّ تجربةٍ باطروحةٍ رساليّة تعيش مستوىً أكبر من مستوى مصالح هذا الفرد بالذات وهذا الفرد بالذات لا يمكن أن تواصل وجودها، ولن يمكن في ما يأتي من الزمان أن تواصل وجودها إلّا إذا كانت قد [حظيت] باقتناع كبير واسع النطاق في قواعد
[1] كذا في( غ) و( ه-)، والمقطع الصوتي هنا غير واضح، ولعلّه:« يوقّت»، والمراد: التوقّف مؤقّتاً.
[2] في هذه المحاضرة وفي المحاضرة الرابعة عشرة، خاصّة ما ورد تحت عنوان: الخيانات والتراجعات في جيش الإمام( عليه السلام).