حينما عرض عليه معاوية أن يعيش في الشام كخليفةٍ للقياصرة، ويجب أن يواصل ابّهة القياصرة وجلالهم. لقد أمضى عمر بكلّ وقاحة مواصلة معاوية لخطّ القياصرة[1].
فالشام كانت تعيش إلى درجة كبيرة الجاهليّةَ التي كانت عليها قبل الإسلام، ومعاوية لم يكن يرى أيّ تناقض بين أهدافه واطروحته وبين المجتمع الشامي بوضعه الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، هذا المجتمع الذي كان مؤهّلًا تماماً لتقبّل اطروحة معاوية، وهو أن يتزعّم الشام زعامةً ملكيّة قيصريّة لا تؤمن بالارتباط الحقيقي بالله تعالى.
بينما اطروحة عليٍّ (عليه السلام) كانت هي الاطروحة التي تواجه انحرافاً عاش عشرين عاماً بعد النبي (صلّى الله عليه وآله)[2]، وكان مسؤولًا عن تصفية ذلك الانحراف.
ومن هنا نجد الفارق بين وضع كلٍّ من الإمام (عليه السلام) ومعاوية في مجتمعه الذي يحكمه.
النقطة الثالثة: ارتباط عليٍّ (عليه السلام) بمُعطى السقيفة، وإسلامِ الشام بمعاوية:
إنّ مركز أمير المؤمنين (عليه السلام) يختلف بدرجةٍ كبيرةٍ عن مركز معاوية قبل خوض المعركة مع الإمام علي (عليه السلام)[3]:
أ- فإنّ أمير المؤمنين قبل خوض المعركة، قبل تسلّم زمام المسؤوليّة، كان قد تكوّن له في نظر المسلمين المفهومُ الرسميُّ الذي أعطته السقيفة للإمام
[1] تقدّم الحديث مفصّلًا عن مفهوم المسلمين عن معاوية بن أبي سفيان في المحاضرة الحادية عشرة، تحت عنوان: أسباب الشكّفي رساليّة المعركة بين عليٍّ( عليه السلام) ومعاوية، انطفاء جذوة الامّة الإسلاميّة غير الواعية. وراجع حول إمضاء عمر كسرويّة معاوية: المحاضرة العاشرة، النقطة السادسة، اعتماداً على: أنساب الأشراف 147: 5؛ تاريخ الامم والملوك( الطبري) 331: 5؛ البداية والنهاية 125: 8.
[2] يقصد( قدّس سرّه): عشرين عاماً ونيّفاً، وذلك منذ وفاة رسول الله( صلّى الله عليه وآله) سنة 11 ه- إلى حين تولّيه( عليه السلام) الخلافة سنة 35 ه-.
[3] كذا في( م)، وفي( غ) و( ج):« مع المسلمين».