علي (عليه السلام)، هذا المفهوم الرسمي للإمام علي (عليه السلام) هو عبارة عن أنّ الإمام (عليه السلام) ليس إلّا صحابيّاً جليلًا له خدماتٌ في حياة النبي (صلّى الله عليه وآله)، وحاله كحال غيره من الصحابة الأجلّاء ذوي الخدمات الجليلة في عصر النبوّة. هذا هو المفهوم الرسمي الذي أعطته السقيفة، ثمّ أكّدته الشورى على يد ابن الخطّاب.
المسلمون بدؤوا بالتدريج- وبحكم السياسة الحاكمة على يدّ الخلفاء المنحرفين- يتعاملون مع عليِّ بن أبي طالب على هذا الأساس، على أساس أنّه صحابيٌّ جليل ذو سوابق[1]، لا أكثر من هذا المقدار، كان هذا شأن علي (عليه السلام).
وبحكم هذا المفهوم، كان يوجد هناك رؤوسٌ كبيرةٌ من الصحابة ممّن كانوا يرَون أنّهم لا يقلّون عن عليٍّ (عليه السلام)، أو [أنّهم] يقلّون عنه قليلًا بدرجات، يرون- على أحسن تقدير- أنّ الفارق بينه وبينهم فارقُ درجة، هم صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو كذلك، هم أخذوا العلم عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو كذلك. نعم، هو أفضل منهم وأورع، هو أكثر منهم جهاداً في أيّام الرسول (صلّى الله عليه وآله).
ب- وهذا على خلاف وضع معاوية بن أبي سفيان بالنسبة إلى المجتمع الشامي، هذا المجتمع الذي لم يكن يعرف غير معاوية.
المجتمع الشامي هو عبارة عن اناسٍ كفرة دخلوا الإسلام على يد أخي معاوية الذي ولّاه أبو بكر على الشام، وهو يزيد بن أبي سفيان، ثمّ لمّا مات يزيد ولّى أبو بكر[2] معاويةَ أخاه.
ولذا، فإنّ أهل الشام الذين دخلوا الإسلام على يد معاوية وأخيه ينظرون إلى إسلامهم [على] أنّه ناتجٌ من هذا الرجل، وأنّ هذا الرجل هو همزة الوصل
[1] كذا في( م) و( غ)، وفي( ج):« ذو رأي».
[2] بل عمر بن الخطّاب؛ فإنّ يزيد بن أبي سفيان توفّي سنة ثمان عشرة، فراجع: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1576: 4؛ أسد الغابة في معرفة الصحابة 716: 4. وراجع حول تولية معاوية: الاستيعاب في معرفة الأصحاب 1416: 3؛ البداية والنهاية 118: 8.