تحوّل الشكّ بعد عهد الإمام علي (عليه السلام) كيفيّاً وكميّاً:
هذا المنطق كان يقضي على التجربة التي خلّفها الإمام عليٌّ بأن تعيش حالة مضطربة من التناقض؛ لأنّ هذا الاقتناع- الذي هو شرطٌ ضروريٌّ في إنجاح أيّ اطروحة رساليّة تتعدّى حدود ومصلحة الأفراد- لم يكن متوفّراً في أواخر عهد الإمام علي (عليه السلام)؛ بحكم الظروف التي كان يعيشها الإمام.
وهذا الشكّ كان قد بدأ من عهد الإمام علي (عليه السلام)، واستمرّ بعده حينما تولّى الإمام الحسن (عليه السلام) مقاليد الحكم، غير أنّه تحوّل من شكّ سلبيٍّ على الأكثر إلى شكٍّ إيجابيٍّ على الأكثر:
1- كان هذا الشكّ في عصر الإمام علي (عليه السلام) شكّاً سلبيّاً إذا استثنينا قصّة الخوارج، هذا الشكّ في اطروحة الإمام كان شكّاً سلبيّاً، يعني أنّه كان ينعكس على مستوى سلبي لا على مستوى إيجابي، ينعكس على مستوى التخاذل، والتميّع، والتثاقل عن الزحف، والتلكّؤ في تلبية الأوامر العسكريّة التي كان يصدرها الإمام علي (عليه السلام) بالالتحاق بخطّ الجهاد[1]، فكان ينعكس في مواقع سلبيّة على الأكثر، بينما أخذ هذا الشكّ ينعكس بعد الإمام عليٍّ انعكاساً إيجابيّاً.
2- ومن ناحيةٍ اخرى أيضاً اتّسع نطاقه، فشمل قطّاعاتٍ أكثر من المجتمع الذي كانت تحكمه التجربة.
يعني: طرأ على هذه التجربة:
أ- تحوّلٌ كيفيٌّ ينعكس إيجابيّاً على الأكثر، كما كان ينعكس سلبيّا
[1] قال الإمام علي( عليه السلام):« فإذا أمرتكم بالسّير إليهم في أيّام الحرّ قلتم: هذه حمارّة القيظ، أمهلنا يسبّخ عنّا الحرّ. وإذا أمرتكم بالسّير إليهم في الشّتاء قلتم: هذه صبارّة القرّ، أمهلنا ينسلخ عنّا البرد. كلّ هذا فراراً من الحرّ والقرّ؛ فإذا كنتم من الحرّ والقرّ تفرّون فأنتم واللّه من السّيف أفرّ» نهج البلاغة: 70، الخطبة 27.