ففي مثل هذا القسم][1] يكون الموقف دائماً مشابهاً للظرف الثاني الذي وجدناه في الحالة الثالثة من القسم السابق.
انسحاب خطّ الإمام علي
(عليه السلام)
مؤقّتا عن الميدان:
على ضوء هذا الفهرست العامّ للأحكام، لا بدّ أن نعيش الآن لحظاتٍ مع سيرة أبي عبد الله (عليه الصلاة والسلام). وقد تركنا في المحاضرات السابقة أبا عبدالله (عليه الصلاة والسلام) وخطّ عليٍّ (عليه الصلاة والسلام)، تركنا هذا الخطَّ وقد انسحب عن الميدان- عن المعترك السياسي- مؤقّتاً في هدنةٍ اعلنت بين الإمام الحسن ومعاوية بن أبي سفيان.
وقد تبيّنا في المحاضرات السابقة[2] أنّ هذه الهدنة كانت نتيجة عجزٍ كاملٍ من قيادة خطّ الإمام علي عن مواصلة تجربتها واطروحتها نتيجةً لأسباب متعدّدة: لتفاقم وتضاعف الشكّ- الشكّ الذاتي- لدى الامّة الإسلاميّة والقواعد الشعبيّة التي كانت تعتمد عليها تجربة الإمام علي، هذه القواعد تضاعف باستمرارٍ- وفق ظروفٍ شرحناها- شكُّها في هذه القيادة، حتّى أصبحت هذه القيادة غير قديرة على مواصلة خطّ جهادها قبل أن تكشف أعداءها.
ولهذا كان من المحتوم أن يتوقّف العمل السياسي والعسكري الواضح الصريح مدّةً من الزمن؛ لكي تسترجع قيادة الإمام علي ثقة الجماهير بها، وإيمانها، واعتقادها بأنّ هذه القيادة لا تدافع عن مكاسب شخصيّة وعن مصالح قَبَليّة، وإنّما تدافع عن اطروحة الله في الأرض، تدافع عن رسالة السماء، كان لا بدّ أن[3] تعيَ الجماهير هذا، الجماهير التي لم تكن تعي إلّا على مستوى الحسّلا بدّ أن تعيش على مستوى الحسّ الاطروحة المقابلة.
[1] إلى هنا ينتهي مقدار ما سقط من المحاضرة الصوتيّة وأثبتناه من( غ).
[2] في ذيل المحاضرة الثانية عشرة، ثمّ بشكل مفصّل في المحاضرتين الرابعة والخامسة عشرة.
[3] في المحاضرة الصوتيّة:« لكي»، والمعنى يستقيم بما أثبتناه.