أن تعيش حياة الكفاح والجهاد إلّا إلى مرحلة قصيرة من الزمن.
ولهذا، حينما مارس الإمام العظيم أبو الأئمّة (عليه أفضل الصلاة والسلام) تطبيقَ نظريّته على كلّ مستويات الحياة الإسلاميّة- اجتماعيّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً وخُلُقيّاً أيضاً- بدأت المتاعب والمصائب، وبدأ الناس يشكّون؛ لأنّهم بدؤوا يُرهَقون بتكاليف هذه النظريّة، وبهذا زال الاقتناع بالتدريج بصحّة[1] هذه النظريّة.
وكان لا بدّ للنظريّة- لكي تعيش في الامّة الإسلاميّة- من أن تسترجع هذا الاقتناع بأيّ ثمن، كان لا بدّ لها أن تسترجع هذا الاقتناع بكلّ ثمن، وكان ثمن استرجاع هذا الاقتناع هو أن ينحسر [هذا][2] الحكم الذي يمثّل هذه الاطروحة، وأن يُخلى الميدان لحكمٍ آخر مثّله معاوية بن أبي سفيان، ومثّلته كلُّ القوى المتبقّية من السقيفة وقتئذٍ. كان لا بدّ لذلك الحكم من أن يبرز على الميدان، من أن يظهر؛ ليُبدِيَ وليُبرِزَ واقعَ مضمونه وحقيقة أهدافه وكلَّ أبعاده، وحينئذٍ تسترجع الاطروحة اقتناع المسلمين بها وبصحّتها وضرورتها.
النظريّات الصالحة وشبهة القدر المحتوم:
هنا قد يبدو سؤال: أنّه هل هناك قَدَرٌ لازمٌ على كلّ نظريّة صالحة أنّها حينما تأخذ مجراها في التطبيق تفقد اقتناع قواعدها الشعبيّة بها بالتدريج؟! وحينئذٍ تبدأ من جديد، مضطرّةً إلى التخلّي عن الحكم؛ لتفسح المجال لآخرين [ليمارسوا] الحكم على أساس نظريّة اخرى باطلةٍ كافرة، حتّى يكون ذلك منبّهاً للمسلمين إلى صحّة النظريّة الاولى؟!
هل هذا قَدَر مفروضٌ على النظريّة الإسلاميّة دائماً؟ أنّها تدخل إلى
[1] في المحاضرة الصوتيّة:« من صحّة».
[2] ما بين عضادتين ساقطٌ من المحاضرة الصوتيّة، وقد أثبتناه من( غ) و( ه-).