نشوء اتّجاهات التحريف والغلوّ داخل الإطار الخاص:
في مثل هذا الجوّ وجدت هناك فرصٌ وإمكانيّات في داخل جهاز الفرقة الناجية للتحريف والانحراف، ولبناءات باطلة ضالّة في داخل هذه الفرقة الناجية. والتاريخ يقول بأنّ اتّجاهات جديدةً للغلوّ نشأت في فترةٍ [مقاربة] لحياة الإمام الباقر (عليه السلام) وفي حياته.
وكان من جملة المعمّقين لهذه الاتجاهات في داخل الفرقة هم الأشخاص الذين اكتسبوا بعد ذلك اسم (الحنفيّين) أو (المذهب الحنفي) أو نحو ذلك؛ يعني الأشخاص الذين انتسبوا إلى دعوى إمامة محمّد بن الحنفيّة وبعده [إمامة] أبيهاشم، نفس محمّد بن الحنفية لم يثبت بوجهٍ من الوجوه أنّه ادّعى الإمامة، وإنّما شُوّش عنه بهذا المفهوم في عملٍ قام به المختار في الكوفة[1]، وبعد محمّد بن الحنفية جاء ابنه أبو هاشم[2].
ويبدو أنّ أبا هاشم كان رجلًا غير واضح وغير منسجم مع خطّ أهل البيت (عليهم السلام)، فقولبت هذه الامور التي [أحاطت] أباه بشكل مذهب، ثمّ أخذ يضيف إلى هذا المذهب من المعطيات التي كان يعطيها الأئمّة (عليهم السلام) بعد تحريفها وتشويشها؛ فالأئمّة كانوا يعطون الحدود الواقعيّة لمرجعيّة أهل البيت (عليهم السلام)، وهو كان يأخذ هذه الحدود ويتفاعل معها ويشوّهها، ثمّ بعد هذا تنعكس في إطارٍ عقائديٍّ بشكلٍ غير صحيح.
ويذكر النوبختي في (فرق الشيعة) اضطرار الإمام الباقر عدّة مرّاتٍ لِأن يصدر قراراً بالكفر والتكفير- أو بشيءٍ من هذا القبيل- على بعض دعاة الشيعة داخل الإطار الشيعي، من أتباع محمّد بن الحنفيّة ومن غير أتباع
[1] فرق الشيعة: 23 وما بعد.
[2] هو عبدالله بن محمّد بن الحنفيّة، يكنّى أبا هشام، وهو إمام فرقة( الهاشميّة) فراجع: فرق الشيعة: 30.