ألسنتهم، يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محصّوا بالبلاء قلّ الديّانون»[1].
وعلى ضوء ما سبق نكون قد رسمنا صورة موجزة لمقوّمات الثورة من جهة ولحالة الامّة أيضاً: فالامّة- كما قلنا- بلغت حالة الاحتضار أو الموت، لا تقوى على المعارضة، وتعيش أزمة معقّدة من الخوف، في الوقت الذي يحاول الحكّام جرَّ الامّة إلى الهاوية، وقتل روح العزّة والكرامة، وتفتيت كيانها الحضاري، وإبعادها عن رسالتها السمحاء.
الثورة الحسينيّة ووضعُنا الراهن:
وثورة الحسين (عليه السلام) لم تكن مرحلة تاريخيّة- كما قلنا-، لكنّها عبّرت عن حالة امّة وصلت [إلى] هذا الوضع المأساوي، فأقدمت على جناية تاريخيّة بشعة.
واليوم تعود هذه الحالة من جديد؛ فهذه الامّة الإسلاميّة تعيش الوضع نفسه الذي عاشته الامّة في زمن الحسين (عليه السلام)؛ فلقد انحرف بها الحكّام عن رسالتها وحضارتها وكيانها. وهذه الامّة تعيش الخوف والوجل، ولا تفكر إلّا بالنَّفَسِ الصاعد النازل، فلا بدّ من هزّة عنيفة توقظ وجدان هذه الامّة وتحرّك ضميرها، وتعيدها إلى رشدها.
ولا بدّ أيضاً أن تمتلك هذه الهزّة كلّ المقوّمات التي امتلكتها هزّة الطف: قائداً رساليّاً مقدّساً ذا جاه وشرف ومال، يمتلك الحجّة الوثائقيّة التي تُدين الحكّام وتفضح انحرافهم عن الرسالة، وتُدين سكوت الامّة وخضوعها للذلّ والهوان، وعلى هذا القائد أن يطرح الشعار البديل الذي يوقد الجذوة الثوريّة في النفوس، ويحافظ على الجوهر الرسالي للثورة وأهدافها الحقيقيّة، وعلى
[1] كشف الغمّة في معرفة الأئمّة( عليهم السلام) 32: 2؛ كامل البهائي في السقيفة 343: 2؛ حيث قال الإمام الحسين( عليه السلام) ذلك للشاعر الفرزدق، ولم ترد العبارة في مصادر القرون المتقدّمة التي سردت لقياه بالإمام الحسين( عليه السلام).