لكن لم يكن يستطيع الحلّ، من قبيل المدخّن الذي يشعر بأنّ الدخان ضرر عليه لكنّه لا يستطيع أن يتركه. وأمّا القسم الثاني [ف-]- من قبيل المدخّن الذي لا يعرف أنّ الدخان يضرّه.
القسم الثالث: البسطاء الذين تنطلي عليهم المخطَّطات الامويّة:
القسم الثالث هو قسمٌ من الامّة، من الأفراد المغفّلين الذين كان بالإمكان أن تنطلي عليهم حيلة بني اميّة لو سكت صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله) وأجمعوا على السكوت عن تحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة.
الخلافة منذ توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) انحرفت عن خطّها المستقيم، لكن بقي مفهوم الخلافة هو مفهوم الخلافة، غاية الأمر اغتصب هذا المفهوم أبوبكر واغتصبه عمر واغتصبه عثمان، إلّا أنّ مفهوم الخلافة لم يطرأ عليه تغيير أساسي.
بينما في عهد معاوية بن أبي سفيان طرأ على نفس المفهوم- بقطع النظر عن الشخص الذي يتقمّص هذا الثوب، وأنّه محقّ أو معتدٍ- تغيّر أساسي، ولم تعد الخلافة حكماً للُامّة، وإنّما هي كسرويّة وقيصريّة بلغة صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله) حينما كانوا يقولون: إنّ معاوية حوّل الخلافة إلى حكم كسرى وقيصر[1].
هذا التحويل- أي: التحويل في المفهوم بهذه الدرجة الخطيرة، والذي كان يمارسه معاوية، وكان يحاول أن يلبسه الثوب الشرعي- لو أنّه تمّ دون مجابهةٍ من قبل الصحابة ومع سكوتٍ من قبلهم، لأمكن أن تنطلي حيلة معاوية على كثيرٍ من السذّج والبسطاء وأنصاف البسطاء، الذين يقولون بأنّ هذا التحويل شرعي بدليل إمضاء الصحابة لذلك.
[1] قالها- مع تفاوتٍ- عبدالله بن عمر في حياة معاوية( الإمامة والسياسة 196: 1)، وقالها عبدالرحمنبن أبي بكر لمروان عند إرادة أخذ البيعة ليزيد( المنتظم في تاريخ الامم والملوك 299: 5؛ البداية والنهاية 89: 8).