النقطة الثالثة: حرص الإمام (عليه السلام) على إدراك الامّة موضوعيّةَ المعركة:
النقطة الثالثة التي ركّزنا عليها هي: أنّ ظاهرة الشكّ في مجتمع الإمام (عليه السلام)- هذه الظاهرة التي بيّنّاها في محاضرات سابقة[1]، وكيف أنّها عصفت بالتجربة، واستطاعت أن تقضي على الآمال والأهداف التي كانت معقودةً عليها-، هذا الشكّ، بالرغم من أنّه لم يكن يملك في سيرة الإمام (عليه السلام) أيّ مبرّرٍ موضوعي، وكانت مبرّراته ذاتيّة محضة- بالنحو الذي شرحناه تفصيلًا في ما مضى[2]– [فإنّه] قد استفحل وطغى، فكيف لو افترضنا أنّ هذه المبرّرات الذاتيّة اضيفت إليها مبرّرات موضوعيّة من الناحية الشكليّة! إذاً، لكان هذا الشكّ أسرع إلى الانتشار والتعمّق والرسوخ، وفي النهاية إلى تقويض هذه التجربة.
النقطة الرابعة: الإمام علي (عليه السلام) يقدّم للُامّة الاطروحة السليمة:
النقطة الرابعة التي ختمنا بها الحديث بالأمس هي عبارة عن أنّ أنصاف الحلول أو المساومة هنا كانت في الواقع اشتراكاً في المؤامرة، وكانت تحقيقاً للمؤامرة من ناحية الإمام (عليه السلام)، ولم تكن تعبيراً عن الإعداد لإحباط هذه المؤامرة؛ لأنّ المؤامرة لم تكن مؤامرةً على شخص الإمام عليٍّ (عليه السلام)، لم تكن مؤامرةً على حاكميّة الإمام عليٍّ (عليه السلام) حتّى يقال: إنّه يمهّد لهذه الحاكميّة بشيءٍ من هذه الحلول الوسط، وإنّما المؤامرة كانت مؤامرةً على وجود الامّة الإسلاميّة، على شخصيّة هذه الامّة، على أن تقول كلمتها في الميدان بكلّ قوّةٍ وجرأةٍ وشجاعة، على أن تنسلخ عن شخصيّتها، وينصّب عليها قيّمٌ من أعلى يعيش معها عيش الأكاسرة والقياصرة مع شعوب الأكاسرة والقياصرة، هذا
[1] راجع: المحاضرة الثانية عشرة، تحت عنوان: سريان الشكّ وتعمّقه في مجتمع الإمام عليّ( عليه السلام)، وقد ذكرنا في مقدّمة التحقيق أنّنا أخّرنا هذه المحاضرة لدواعٍ منطقيّة.
[2] في المحاضرة نفسها.