هذا الانحراف، أو لتقبّل أيّ معنىً من معاني المساومة أو المعاملة على حساب هذه الامّة، التي كان يرى بكلّ قرحةٍ[1] وألم أنّها تُهدر كرامتها وتباع بأرخص الأثمان.
هذه الظاهرة تسترعي الانتباه سياسيّاً من ناحية، وتسترعي الانتباه فقهيّاً من ناحية اخرى:
1- دراسة الظاهرة من الناحية السياسيّة:
أمّا من الناحية السياسيّة، فقد استرعت انتباه أشخاص معاصرين للإمام (عليه الصلاة والسلام)، واسترعت انتباه أشخاصٍ آخرين حاولوا أن يحلّلوا ويدرسوا حياة الإمام (عليه الصلاة والسلام)؛ فقد لوحظ عليه- أي على الإمام (عليه الصلاة والسلام)- أنّ عدم تقبّله بأيّ شكلٍ من الأشكال لهذه المساومات وأنصاف الحلول كان يعقّد عليه الموقف، ويثير أمامه الصعاب، ويرسّخ المشاكل، ويجعله عاجزاً عن مواجهة مهمّته الأساسيّة، والمضيّ بخطّ تجربته إلى حيث يريد.
فمثلًا: ذاك الشخص[2] الذي جاء إليه بعقليّة هذه المساومات اقترح عليه أن يُبقي معاوية بن أبي سفيان والياً على الشام، قال له: إنّ معاوية بن أبي سفيان بإمكانك إبقاؤه والياً على الشام برهةً من الزمن، وهو في هذه الحالة سوف يخضع ويبايع، وحينئذٍ: بعد هذا يكون بإمكانك استبداله أو تغييره بأيّ شخصٍ آخر بعد أن تكون قد استقطبتَ كلّ أطراف الدولة، وقد تمّت لك البيعة والطاعة في كلّ أرجاء العالم الإسلامي.
فاشترِ ذلك بإبقاء هذا الوالي أو ذلك الوالي، هذا الحاكم أو ذلك الحاكم، بإقرار هذه الثروات المحرّمة في جيب هذا السارق أو في جيب ذلك السارق
[1] هذا ما يبدو من المحاضرة الصوتيّة، ولعلّه( قدّس سرّه) أراد:« حرقة».
[2] حدّثه بذلك عدّة أشخاص، منهم: المغيرة بن شعبة وعبدالله بن العبّاس وجرير بن عبدالله البجلي كما يأتي قريباً.