باغتياله، وحينما فسّر أهالي خراسان أنّ اغتياله كان على يد المأمون، قامت جماهير من الناس ووقفت على باب قصر المأمون تنتظر خروجه لتصبّ عليه جام غضبها وانتقامها. يخرج المأمون من الباب الخلفي ويدخل إلى بيت الإمام- الذي كان مجاوراً له- يستجير به، فيخرج الإمام ويفرّق الجماهير بأمرٍ واحد[1].
وهذا يعني أنّ الإمام كان رصيده الشعبي والاجتماعي في نفس البلد الذي حكمه المأمون والذي حكّم المأمونَ وأمدّه بالقوّة وبالجيوش، كان الرصيد الشعبي والاجتماعي قد بلغ إلى هذا المستوى. إضافةً إلى رصيده العلمي والفكري، وزعامته العلميّة والفكريّة التي تعرفون من شواهدها الشيءَ الكثير.
ه– ومنها ما يتبادر إلى أذهانكم جميعاً: قصّة مروره (عليه السلام) بنيشابور وتسابق العلماء على الاستفادة منه[2].
كلّ هذا يثبت أنّ القاعدة الشعبيّة- من الناحية العلميّة والاجتماعيّة- لمدرسة الإمام علي كانت قد بلغت درجةً كبيرةً من الارتفاع والنموّ.
الإمام الرضا (عليه السلام) يدشّن سياسة التواصل مع القواعد الشعبيّة:
في هذه المرحلة تسلّم الإمام الرضا (عليه السلام) زمام الإمامة والمسؤوليّة. ويبدو أنّ الإمام الرضا (عليه السلام) حينما تسلّم زمام المسؤوليّة والإمامة في مثل هذه المرحلة قام بنشاطٍ له لم يكن اعتياديّاً على مستوى الشيعة، ولهذا تعرّض
[1] « فقال المأمون لأبي الحسن( عليه السلام): يا سيّدي! نرى أن تخرج إليهم وترفق بهم حتّى يتفرّقوا، قال: نعم. وركب أبو الحسن( عليه السلام) .. فلمّا خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس وقد ازدحموا عليه، فقال لهم بيده تفرّقوا. قال ياسر: فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض وما أشار إلى أحد إلّا ركض ومضى لوجهه» الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 267: 2.
[2] راجع: عيون أخبار الرضا( عليه السلام) 134: 2.